مع الثورة التكنولوجية والتقدم التقني التي يعيشه العالم الآن، أصبح من السهولة بمكان التقاط وعرض مئات الصور في لحظات وأصبحنا نعيش في عصر الصورة ونتعرض لمشاهدة آلاف الصور يومياً وهو الأمر الذي جعل التحدي أكبر على المصور الفوتوغرافي المبدع في إيجاد صيغ مختلفة في طرحة عن السائد والمنتشر فيما يُعرض من زخم الصور اليومية في حياتنا وفرض إبداعه الفوتوغرافي ليبقى أثره في المخيلة الإبداعية وتحتفظ الذاكرة اليومية المجتمعية به كمنجز مختلف ومغاير عما يطرح من الكم الهائل من الصور، والوصول بمنجزه للعالم بتميز وتفرد, ولعل هذا ما ميز الفنان الفوتوغرافي السعودي الشاب حسان مبروك الذي أختط لعدسته خطى مغايرة في الطرح والمعالجة لقضايا جمالية وفكرية وعلمية انطلق بها في خطواته ثابتة وواعية ليعانق السماء ويستنطق لآلئها ويرصد أفلاكها ويوثق شفقها، فجاء معرضه الفوتوغرافي الأول قبل سنوات بمسمى لآلئ سماوية بطرح مختلف من نوعه، ويعتبر من أولى المعارض الفوتوغرافية السعودية التي توثق الفلك بعدسة فنان يضفي عليه دقة الالتقاط وجمالية الزاوية وتكامل التكوين ولم يكن متطرفاً في معرضه هذا لعشق السماء بل كانت هناك العديد من الصور التي زاوج فيها بين مرتفعات الطائف وخصوصاً مرتفعات الهدا وبين عشقه لتفاصيل من السماء وأفلاكها التي وثقها من خلال عدسات كاميرته الشخصية أو تجاوز اللا مرئي بالعين المجردة والعدسات البسيطة وأحتاج لتصويرها بتلسكوبات متطورة مزودة بمرشحات ضوئية، وهو الأمر ذاته الذي أحتاج أليه في تصوير الظاهرة الفلكية (الدمعة السوداء) حيث رصد من أعالي جبال الهدا في نوفمبر من العام 2012م العبور الأخير لكوكب الزهرة في سماء المملكة خلال القرن الحالي بالتعاون مع فريق علمي من الجمعية الفلكية بجدة. ولعل شموخ وعلو همة الفنان حسان مبروك ورقي نظرته التي أرتقت للسماء هي التي جعلته يلتقط صورته العلوية المميزة التي فازت بالجائزة الأولى في مسابقة صحيفة عكاظ للتصوير الفوتوغرافي وكانت لجسر الجمرات لحظة دخول الحجاج لرمي الجمرات بتناسق هندسي جميل وإظهار تأثير الظلال الممتد للأشخاص الذي شكل بعداً جمالياً آخر بالصورة ساهم في تكامل التكوين للصورة. والفنان حسان مبروك بالرغم من عمله في المجال الطبي إلا أن عمله لم يصرفه عن موهبته وفنه وتخصصه في التصوير الفلكي ورئاسته للجنة التصوير الضوئي بجمعية الثقافة والفنون بالطائف جعلته قريباً من موهبته وفنه فقدم العديد من المحاضرات والدورات الفوتوغرافية في موضوع التصوير الفلكي الذي تميز فيه خاصة بعد رصده للظاهرة الفلكية (الدمعة السوداء) والذي تناولت الخبر وكالة ناسا وعرضت بعضاً من صوره على موقعها الرسمي,كما قدم دورات ومحاضرات في التايم لابسوفي أبجديات واحتراف التصوير الضوئي، ويحمل حسان أيضاً العديد من العضوية تمثل الجمعية السعودية للتصوير الضوئي والجمعية الأمريكية للتصوير الضوئي وعضوية الجمعية الفلكية بجدة. وبتطور طبيعي ومنطقي لتجربته لم يكن الفنان حسان ليهدأ قبل أن يواصل تميزه وتفرده فشد الرحال شمالاً ولكن هذه المرة لشمال الكرة الأرضية، فانطلقت رحلته من جدة إلى باريس، ثم لمدينة «أوسلوا» بالنرويج، ثم جزيرة «ترومسو»، ومنها إلى جزيرة سومري، في رحلة فنية ليسجل أسمه كأول فوتوغرافي سعودي يصل لهذه المنطقة ويوثق بعدسته ما يعرف ب (الأرورا) وهي ظاهرة فلكية تظهر على شكل شفق قطبي أخضر يرتسم على شاشة السماء في منظر مهيب وجميل، وقدم مجموعة صوره لهذا الشفق مستحضراً في عدسته كل القيم الجمالية والفنية ومثبتاً شخصيته كفنان متميز يعرف ما يريد ويخطط له، صائغاً بفن من أسمه عاشقاً للسماء.