سارع مصرف البحرين المركزي بالإعلان عن تسجيل «اختراق محدود» لحسابات مصرفية وبطاقات ائتمان قدرت ب 174 بطاقة، توزعت بين بطاقات الصرف الآلي، وبطاقات الائتمان. طمأن المصرف عملاء المملكة حيال إجراءات الحماية، والتدابير المتخذة، واجتمع مع جميع بنوك التجزئة وشركات البطاقات الائتمانية لبحث حالات الاختراق والتدابير الأمنية. وفي خطوة احترازية ، خُفِّضَ سقف السحب النقدي الأعلى عن طريق مكائن الصرف الآلي من 500 دينار إلى 200 دينار لتقليص الخسائر المتوقعة. التعامل الشفاف مع حالات الاختراق المحدودة ساعد على تنبيه كافة عملاء المصارف في فترة زمنية قصيرة. الأخبار السيئة أكثر انتشارا، وأشد تأثيرا على المتلقي الذي ربما احتاج إلى بعض الخوف للالتزام بالمعايير الأمنية والإجراءات الاحترازية . على النقيض من شفافية المركزي البحريني، تلتزم مؤسسة النقد العربي السعودي الصمت حيال الاختراقات التي تتعرض لها بطاقات العملاء في فترات مختلفة. حالات نوعية متفرقة نجح فيها المخترقون بالوصول إلى حسابات العملاء، والسحب منها دون أن يرتفع صوت مؤسسة النقد أو المصارف بالتحذير الفوري. وبدلا من تنبيه العملاء، سارعت «ساما»، والمصارف بنفي وقائع الاختراق بالرغم من تضرر مجموعة من العملاء، واكتشافهم عمليات سحب لم يكونوا طرفا فيها، نُفذت من دول مختلفة، لم يسبق لهم زيارتها . قد يكون التحفظ، في الإعلان عن بعض العمليات الأمنية ذات العلاقة بالقطاع المصرفي، مبرراً، لحساسية القطاع، وأهمية التعامل بحذر مع أخباره السلبية، وبما لا يثير الهلع أو يتسبب في تداعيات مؤثرة في مؤشر ثقة المواطنين، إلا أن المبالغة في السرية، والنفي، قد تُحدث أثرا عكسيا، وقد تُشعر العملاء بالأمان الزائف، في الوقت الذي يتطلب منهم الوضع الإستثنائي، أخذ أقصى معدلات الحيطة والحذر. الأكيد أن «ساما» والمصارف قادرون على مواجهة الاختراقات المفاجئة حين ظهورها، إلاان الإعلان عنها قد يساعد في تنبيه العملاء، وحمايتهم، وتثقيفهم بخطورتها. التعلم بالألم، من التجارب التي لا تنسى أبدا، والتحذير برسائل الترهيب الواقعية قد يحمل المتهاونين على تطبيق أشد معايير الحماية خشية تعرضهم للمخاطر. الوقاية خير من العلاج، ومنافع التحذيرات الرسمية تفوق منافع الصمت، أو النفي بكثير. نقرأ كثيرا عن اختراقات أنظمة استخبارات، ووزارات دفاع، وشركات تقنية متقدمة، وشركات مالية ومصارف عالمية، وبطاقات ائتمان لرؤساء أجهزة استخبارات، دون أن يؤثر ذلك سلبا عليهم. التعامل مع التقنية تستوجب فرضية الأخطاء والاختراقات على كافة المستويات الأمنية، وتبقى الكفاءة في التعلم من الأخطاء وتوفير الحماية، وصد الهجمات الإلكترونية، والوصول إلى مرتكبيها ومعاقبتهم. الإعلان عن حالات الاختراق، جزء رئيس من عمليات تثقيف العملاء، وحملهم على رفع درجات الحيطة والحذر، ودفعهم للتعامل بمسؤولية تامة مع المنتجات التقنية التي لا تخلو من المخاطر. لم تعد فلسفة «سري للغاية» مجدية مع هذا العصر التقني المنفتح، و الذي باتت فيه المعلومة جزءاً رئيساً من أدوات الحماية والمكافحة. ولم يعد النفي وسيلة لإشاعة الطمأنينة بقدر ما يحدثه من خوف دائم، وفقدان الثقة بالجهات الرسمية التي يفترض أن تكون أكثر حرصا على ترسيخها في عقول عملائها كأداة من أدوات الحماية وتحقيق الأمن الشامل.