يوم الخميس 15-12-1435ه أسلمت سارة بنت عبدالله المرشد، روحها لبارئها، بعد سنوات شارفت التسعين، حيث أنهت مسيرة حياتها - كما نحسبها والله حسيبها- بالخير والإحسان، فثبتها الله بقولها الثابت، وأكرم نزلها بالعفو والغفران، ورحمك الله يا أرق القلوب، ويا ألطف النفوس، ويا أصدق البسمات، ويا مكثرة بلسانها على المصطفى الصلوات، رحمك الله رحمة واسعة، أيتها العزيزة الغالية، الطيّبة الحانية، وأغدق عليك في قبرك شآبيب رحمته، وقسمات من نور مغفرته، وباجتماع الأختين (الجدتين) نورة وسارة ابنتي عبدالله بن سعد المرشد بمقبرة الدرعية أسأل الله تعالى أن ييمن كتابيهما، وأن يجعلهما من المقربين، الذين لهم الروح والريحان وجنة النعيم، وأن يجعلهما من المتقين الذين تزلف لهم جنته، وأن يذيقهما الفرحة والسرور في منازلهما، والفسحة والنور في مداخلهما، والراحة والحبور في مراقدهما، وأن يلحقهما بأحبابهما وأحبابنا السابقين المؤمنين، إنه عفوكريم، سميع مجيب. نعم هي قصة قصيرة، عنوانها سنة الله في خلقه، وهي وإن كانت معلومة، إلا أنها بالغة العبرة، كاملة العظة، تذكر بأصل الإنسان، مروراً بمساره، وانتهاءً بمآله، تذكر الإنسان عموماً والمسلم خصوصاً بذلك، حتى يعمل في دنياه لآخرته، آخرته التي هي الحياة الحقيقية، والتي تقدّم فيها الأعمال، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهذه الأعمال لا تقف عند حد، فهي وإن أغلق منها أبواب، وجدت أبواباً مفتوحة في غيرها، من بر وصلة وإحسان ومعروف وتعاون وصدقة وغيرها، وما يهم في جميع ذلك، ألا يكون لها ثوب الرياء والسمعة، وإلا فما لتلك الأعمال أي ثواب وأجر، بل لها عظيم الإثم والوزر. إن الخير لا ينقطع إلا بانقطاع الحياة (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا في ثلاث...) منها: ولد صالح يدعو له... نعم ولد صالح يدعو له، إذ إنني أرجو ربي أن أكون الولد الصالح الذي يدعو لوالديه في حياتهما وبعد مماتهما، أرجو أن أكون كذلك، وأرجو من أحب والديه أن يرجو الله كمثل رجائي، فهو مكسب لنفسه أولاً ولوالديه من بعد. لن أقف، ولا تقف - أيها العزيز- قريباً كنت أم بعيداً عن العمل الصالح، بحسب ما تراه يناسبك، ويوافق ما وهبك الله من قدرة واستطاعة فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، ومنطلقاً من لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ، ومقتنعاً ب إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ، ومؤمناً ب وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ومسلماً ب لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وعاملاً ب فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ومطمئناً ب(إنما الأعمال بالنيّات)، وموقناً بأن الله يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى بل يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى وحينها ستجد السعادة ولذتها في هذه الحياة، لأنك جعلت ضميرك يتوجه في عمله لله، ويسعى لتحقيق مرضاته، لا مرضاة عباده، وفق توجيهاته التي أوجدها للمسلم، الذي متى ما جعلها طريقاً له في هذه الحياة وجد الراحة أكثر مما يختاره له الناس والآخرون.