تأخرت في الكتابة حول هذا الموضوع حتى أستطلع آراء المختصين وأصحاب الاقتصاد في هذا الجانب، ثم الإدلاء بالرأي الذي يمكن صيده من خلال عدد من الآراء، كالفقيه الذي سيصدر فتوى حول أمرٍ فيأخذ الآراء بأدلتها، بعدها يرجح ما يراه مستنداً إلى الدليل. وهذا الأمر لا ينبغي لغير المختصين أن يُفتوا فيه، لكن لا يمنع أن يشمل وجهة النظر بعد سماع الأدلة. أَمَا والموضوع عُرض على هيئة كبار العلماء ومجلس الشورى ومجلس الاقتصاد الأعلى، وكُتب فيه كثير من المقالات التي تباين رأيُها بين محايد ومؤيد، أو مع وضد، فهنا أصبح بالإمكان الترجيح على رأي الفقهاء كما ذكرت.. وباعتباري لا أملك أراضي بيضاء، وأعيش في مسكن جيد - ولله الحمد - رأيت أن أكتب كغيري هذا الرأي الذي أجزم بأنه لن يكون حلاً نهائياً لأي مشكلة يبحث عنها اقتصاديو البلاد، لكن ربما يضيف شيئاً قد يكون غائباً، أو يعزِّر رأياً صدر قبلي. مشكلة الإسكان.. لا تحلها الرسوم، ولا تحلها أقلام الكتَّاب، بل عقول المخلصين ومَنْ يسهر على راحة المواطن، ويبحث عن الحلول. فرض الرسوم جاء عرضاً طارئاً، ربما يساعد كما يقول المسؤولون عن الإسكان، وعارضه آخرون من العقاريين والملاك.. والفريقان في جدلية يصعب حلها إلا بقرار سيادي تتخذه الدولة، وفيه مصلحة للمواطن قبل كل شيء. والإسكان، حسب ما أتابع، اجتهدت في البحث عن الأراضي البيضاء المسوَّرة، وناشدت البلديات، واستجابت لهم في بعض مناطق المملكة، والبقية في الطريق، وكل أمانة تجتهد لتقوم بدورها بتنفيذ الأوامر السامية الصادرة بهذا الخصوص، وسيظل الكلام والحوار بل الجدلية: هل الرسوم على الأراضي البيضاء ستساهم في توافر الأراضي؟ الذي فَهمته من تصريحات الإسكان أن الأراضي متوافرة في المحافظات، وبدأت مشاريع الإسكان تبرز، لكن المدن الكبيرة بها صراع بين الملاك والإسكان في الحصول على أراضٍ بيضاء، فَلَجأت الإسكان إلى تخويف هؤلاء الملاك بطريقة الرسوم. وقد تابعت عدداً من الندوات والمقالات التي تؤكد أن الرسوم هي حل جزئي، وليست معالجة لمشكلة النقص في كبريات المدن، مع معرفتي بأن مشاريع الإسكان في المدينة الثالثة (الدمام) أيضاً توافرت فيها، حسب المتحدث الرسمي للإسكان، وأن المشكلة بدأت تنحصر في العاصمة التي يقطنها أكثر من ستة ملايين.. ومخرجات الإسكان تؤكد أن الحلول قادمة بلا شك، مع أنه أعجبني بعض من تحدث في وسائل الإعلام، ونقل وجهة نظره إلى أصحاب القرار، حول كيفية معالجة نقص الأراضي في المدن الكبيرة.. اليوم لم يَعد خافياً أن الحاجة ملحة إلى تعاون القطاع الخاص مع وزارة الإسكان في تنفيذ مخططات عاجلة على أطراف المدينة، كضواحي الشمال والشرق وعرقة والدرعية، وبناء وحدات عاجلة؛ ليسعد بها المواطن قريباً، مع أنها تحتاج إلى جهد البنية التحتية والإنشاء، الذي يستغرق بين 4 و5 سنوات، وهذا طريق يكون سريعاً للمساهمة في جزء من حل المشكلة، وكثير من دول العالم رغم توافر الأراضي لديها عانت من ذلك، إلا أن مشكلة الإسكان عاشت سنوات طويلة لديهم، وما زالت، ومثالها مصر الشاسعة المساحة، والكويت القريبة من الصُّمان، وكلتاهما تعاني من المشكلة. فالكويت توقف الإسكان منذ عام 2008 حتى الآن، ومصر منذ ثلاثين عاماً وهي الأخرى تعاني منها.. ونحن - ولله الحمد - لدينا المال، ولدينا الأراضي والإرادة الجادة، وأتمنى اتخاذ خطوات عاجلة، وهذا لن يُعجز أحباءنا في الإسكان.