ما أكثر ما يطرح على أنه أدب قد يجد من التصفيق والمتابعة ما يوهم من لايفرق بينه وبين الأصيل من الإبداع أن هذا هو الأدب الذي تطمح الأمة أن يسجل لها في كتاب الأيام على أن هذا هو أدبها الحقيقي وأن أربابه هم خلاصة قكرها وغاية ماوصلت إليه من رقي في زمن الغفلة والانشغال من قبل الرواد. وقد اتفق الناس أو هكذا تعارفوا على أن الصمت حكمة وهو بلاشك كذلك في أمور كثيرة، ولكن إصرار الحكيم في حالات معينة على صمته ينزله من مقامه الجليل ويتحول إلى جزء من التقصير والتخلي عن دوره الذي كان من الأجدى أن يتمسك به وهو قول الحق في أمور يعتبر فصل الحكيم فيها من أوجب واجباته إذ لا يمكن للقدوة أن يقف من السيء من القول والفعل موقف الواقف المتفرج على سفينة الجمال تغرق وبيده أن يمنع ذلك الغرق ولا يفعل. وحين يبتعد الأديب الحقيقي والشاعر الأصيل عن أرض الإبداع ويقف الناقد الفذ الذي يملك أن يقول ما يقنع كل متابعيه أنه الحق فهم مقصرون بحق فنهم وجمهورهم فمدينة الشعر والأدب والجمال حين تخلو من حكمائها تنقلب إلى مدينة تسودها الفوضى وينفرد فيها الفارغون واشباه الشعراء وأدعياء الأدب ويتحول النتاج الأدبي إلى وليد مشوه لايشبه الأدب ولا يمت له بصلة. وقفة للإمام الشافعي الدهر يومان ذا أمن وذا خطر والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر أما ترى البحر تعلو فوقه جيف وتستقر بأقصى قاعه الدرر وفي السماء نجوم لا عداد لها وليس يكسف إلا الشمس والقمر