بصورة تدعو للتفاؤل نرى الآن نتائج توجيهات خادم الحرمين الشريفين توجهات إيجابية واضحة لإعادة التوازن المجتمعي، في التعامل مع كل ما يتعلق بالمواطن. ونرى مبادرات جادة رسميا لدعم الشباب -خاصة المؤهل علميا- وإتاحة فرص أفضل في بناء المجتمع والأسرة وتحقيق طموحاتهم الفردية. والمبادرات لتصحيح وضع المرأة في معادلة المجتمع واضحة في كل المشاريع الرامية لتعديل وترشيد الأنظمة القائمة، وعلى رأسها القضاء، والعمل، والخدمة المدنية كي يتم التعامل مع قضايا النساء ماديا وأسريا ووضعيا بصيغة مقننة تضمن لها حماية حقوقها وأطفالها. تعديل الأوضاع يأتي ضمن إطار شامل لتحقيق منجزات في إعادة بناء تعاملات المجتمع وإلغاء ما يتسم بالتمييز والتهميش والفساد واستلاب الحقوق؛ إطار ترتكز عليه جهود القيادة في تأسيس وتثبيت منهج العدل والوسطية والاعتدال وبناء الشعور بالرضى والانتماء، وبنفس هدف تثبيت مشاعر انتماء المواطنة والولاء للوطن بالقضاء على تحيزات الفئوية والعنصرية المدمرة، والتصدي لتيارات الغلو والتطرف والإرهاب في الداخل والخارج. هنا يواجهنا السؤال: «ما مدى رضا السعوديات عن أوضاعهن؟» الذي يتكرر في شتى المناسبات الإعلامية في الخارج مرتبطا بالذات بحرمانهن من تصريح السياقة كغيرهن من نساء العالم. وليتنا نجد طريقة مثلى لرصد الجواب إحصائيا بصورة علمية تساعد في اتخاذ قرار. وأتكهن بأن ترك الخيار للمرأة سيوضح وضعها من حيث رغبتها في الحصول على رخصة سياقة السيارة. ولن يكون بالطبع إجباريا. ورغم أن الكثير تحقق ويتحقق كل يوم، ما زال هناك أمام المرأة السعودية كثير مما تفتقده حياتها. أتصور أن كل فئات المواطنات يشعرن أن هناك المزيد مما يتطلعن إليه ورغبن في رؤيته يتحقق وأن لم تتفق كل الفئات على ما يطالبن به. الخريجات اللاتي لم يوفقن في الحصول على وظائف يطالبن بتوظيفهن. والموظفات يطالبن بتحسين أوضاعهن الوظيفية. المدرسات يطلبن التعيين في مدارس قريبة من مواقع إقامتهن ومواصلات أكثر أمنا. وربات البيوت يطلبن أوضاعا أسرية أكثر عدلا. عدد كبير من المواطنات المتعلمات يطالبن بقيادة سياراتهن ليخلصن من مشاكل وتكلفة السائقين المستقدمين. وما يثير تخوفي وتخوف العارفين والمتخصصين هو ما اتضح مؤخرا من أن مشاعر عدم الرضا والمعاناة الفردية والفئوية -خاصة في ظروف التحريض والتأجيج والتأليب السياسي والفراغ الترفيهي- تساهم في بحث الشباب من الجنسين عن تعويض كالإدمان والانضمام للخلايا السرية لخدمة الإرهاب. ولذلك أرى شؤون الشباب من الجنسين واحتياجاتهم المادية والعاطفية والفكرية أهم ما يجب أن تركز عليه السياسات والخطط القادمة لتحقيق الاستقرار المادي والعاطفي والفكري، وترسيخ الأمان الفردي والمجتمعي وبالتالي الأمن للوطن. شخصيا يهمني جدا ضمن اهتماماتنا في الشورى أن أرى المرأة الراغبة في العمل تجد الوظيفة المناسبة، وأن يقر المجلس نظام الأحوال الشخصية ليصبح قانونا يعمل به، وأن يعتمد قانون ضد التحرش والعنف بكل أنواعه وضد جميع الفئات. وربما الأهم والمستعجل أن يكون هناك هيئة عليا لشؤون المرأة والأسرة تحت رعاية الملك مباشرة وترأسها سيدة ذات خبرة ومجلس من المتخصصات مؤهلات لمثل هذه المسؤولية الكبيرة.