جاءت الضربات القوية والموجعة التي وجهتها قوى التحالف وفي مقدمتها المملكة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي مؤشراً واضحاً على عزم و إرادة التحالف الدولي الوقوف صفاً واحداً أمام هذا العبث الذي تمارسه هذه المنظمة الظلامية وغيرها في ترويع المجتمعات؛ وصولاً لأهدافها الحقيقية لتمزيق وحدة تلك البلاد وتقطيع أوصالها ضمن مخطط يستهدف تمزيق الأمة العربية والإسلامية من خلال فرض سيطرتها وسلطتها الكاملة عليها، وممارسة مجازرها ضد شعوب تلك البلاد وغيرهم من المستأمنين فيها. لقد جاء وقوف المملكة ضمن هذه المنظومة الدولية في وجه هذه المنظمات والجماعات الإرهابية ليؤكد صدق توجهات المملكة ومبادراتها من أجل القضاء على الإرهاب والمنظمات التي تعمل في العلن والخفاء، كما يؤكد حقيقة التزام المملكة تجاه الاستجابة لاستغاثة ونداءات إخواننا في العراق وبلاد الشام من جور تلك المنظمات الإرهابية واستباحتها لدمائهم ولأعراضهم، وتجاه الحفاظ على وحدة تلك البلاد واستقرارها، في ظل ما تعانيه تلك البلاد من شبه فراغ أمني وعدم استقرار في السلطة، مما منح تلك المنظمات الإرهابية بشكل سريع فرصة الانقضاض وبسط سلطتها الجائرة على مقدرات تلك البلاد واستخدامها في ممارسة أقسى صنوف القتل والتعذيب والإرهاب. العالم الإسلامي يبارك أي خطوة تتخذها المملكة لحماية الدين من الإرهابيين تحالف ضد الشر وقال "د.عبدالعزيز حمود المشيقح" -أستاذ بجامعة القصيم- أن التحالف الدولي ردّ بقوة ضد قوى الشر التي تعمل في الظاهر والباطن لزعزعة واستقرار دول العالم الإسلامي، بما في ذلك الدول العربية تحت أجندات مشبوهة، وعلى رأسها تنظيم (داعش) وغيرها من التنظيمات التي تعمل على تفتيت الأمة، مشيراً إلى أن دخول المملكة بثقلها الإسلامي وتحالفها مع دول العالم دليل صادق على مكافحة المملكة للإرهاب، مؤكداً على أن الأمر خطب وجلل يستلزم استئصال تلك التنظيمات بتدخل عاجل. وأضاف:"نجزم بأن غالبية شعوب العالم الإسلامي يباركون أي خطوة تكون المملكة العربية السعودية طرفاً فيها؛ عطفاً على حمايتها للمقدسات ودعمها للمنظمات الإغاثية الإسلامية والدولية ومواساتها لكثير من شعوب العالم الإسلامي ودعمها لقضاياهم"، موضحاً أن المملكة ترى أن بلادي العراق والشام جزء لا يتجزأ من المنظومة العربية الإسلامية فرابط التاريخ والعقيدة والأخوة يلزمها أن تعمل جاهدة في إنهاء معاناة تلك الدول، وبسط الأمن والسلام في ربوعهما؛ علماً أن قادة المملكة لديهم منطلقات شرعية وكبار علماء الأمة يوجهون هذه الرؤى من منطلق شرعي. إرهاب «داعش» وصل إلى حدٍ لا يطاق دينياً وإنسانياً والسكوت عنه أكبر جريمة خطر خفي وأشار "د.المشيقح" إلى أنه نظراً لأهمية الخطر الخفي عن العامة من هذه المنظمات الباطنية؛ فمن يقرأ التاريخ يجد فيه العبر والأحداث التي طالت كثيراً من بلاد العالم الإسلامي، ولذلك فإن قادة هذه البلاد قد علموا بأن الشعارات الزائفة التي تنادي بها تلك التنظيمات السرية ما هي إلاّ شعارات سرعان ما تتساقط حينما تصل هذه التنظيمات لأهدافها، علماً أن هذه التنظيمات في مجملها كلها مدعومة من جهات ضد الدين وضد العقيدة، وأهدافها وأطماعها معروفة. الضربات الجوية أنهكت «داعش» وهزمته معنوياً بسط العقيدة الصحيحة وقال "د.المشيقح" إن الهدف الأسمى للمملكة في النهاية هو بسط عقيدة المسلمين الصحيحة دون غلو أو تشدد أو تساهل وتمييع للدين متخذة هذا المبدأ من مقولة "ما شاد الدين أحد إلاّ غلبه"، وكذلك هلك المتنطعون، ودليل ذلك من توجهات المملكة تسابق الدول إلى دعوة خادم الحرمين الشريفين لمكافحة الإرهاب بشتى أنواعه وأشكاله ومسمياته، وما أدل على ذلك إلاّ تحالف أربعون دولة استجابة لحديث خادم الحرمين الشريفين عن خطر الإرهاب، حيث بذلت المملكة جزءاً كبيراً من مقدراتها وإمكاناتها من أجل بسط الأمن والسلام في ربوع بلاد الشام والعراق اللاتي استمرتا عقد من الزمن يمارس فيها القتل والترويع والمآسي الإنسانية التي لم تجد لها حلاً أو رادع غير التفرج على شاشات القنوات الفضائية على ما يحدث في تلك البلاد؛ لذلك آن الأوان أن يكون هناك تدخل دولي تشارك فيه المملكة؛ لوقف سفك هذه الدماء وبسط الأمن والسلام في ربوع العراق والشام، وعلى مواطني المملكة الوقوف صفاً واحداً مع توجهات ولاة الأمر والعلماء وتأييدهم في كل خطوة تحفظ البلاد والعباد، كما يجب على كل مواطن عدم التشكيك أو التردد في التأييد لما تتخذه المملكة في المسائل الكبرى؛ فالتاريخ علّمنا أن كل الخطوات التي أقدمت عليها المملكة سابقاً كلها كانت عامل خير وسلام وتصب في مصلحة الإسلام والمسلمين سواءً في الحروب العربية أو تدخلها في الشؤون الأفريقية والآسيوية والتي كانت عامل سلام وإنهاء لكثير من أزمات هذه الدول. دور عظيم وأضاف "د.إبراهيم الدوسري" -الأستاذ المساعد في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم- إن المملكة تؤدي دوراً عظيماً في مواجهة هذه المنظمات التكفيرية بكل الوسائل المتاحة، حيث أن تلك المنظمات تشكّل خطراً على المسلمين وتعمل على تمزيق وحدة بلاد المسلمين، كما تعمل على تمزيق الصف الواحد الذي ينبغي أن يقوم عليه المجتمع المسلم مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر". وأضاف أن المملكة تمثّل قبلة المسلمين التي يتجهون إليها بعباداتهم، وبالتالي فإنها تعتبر المثل الأعلى في هذا الباب، كما تمثل قدوة لسائر المسلمين، مضيفاً أن لهذه الجماعات والمنظمات خطراً عظيماً يهدد كيان الأمة بالتشرذم والتفرق والتمزق ولابد من مواجهة هذه المنظمات بالحزم والقوة. تنظيم «داعش» الإرهابي شوّه صورة الإسلام وحان وقت القضاء عليه محاربة الإرهاب وأشار "إبراهيم الغنام" -أحد منسوبي التربية والتعليم بالقصيم- إلى أننا نعيش في هذا العصر فتناً متنامية يقودها ويوجهها منظمات وجماعات إرهابية لم يسبق أن شاهدناها بهذا الحجم، حتى وصل الأمر أنه لا يمر شهر أو أقل من ذلك إلاّ ونسمع عن منظمة إرهابية جديدة يتم الإعلان عنها، والمصيبة أن هؤلاء الأشخاص لا يتحدثون عن أنفسهم أو يقولون أن لهم فكر خاص بهم بل هم يقولون أنهم يريدون أن يطبقوا الدين الإسلامي، وأنهم يريدون أن يقيموا شرع الله، وشرع الله منهم براء، بل هم يمثّلون فكرهم الضال وما وسوس لهم الشيطان وزيّنه في عقولهم. وقال: إن ولاة الأمر في هذه البلاد وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- أعلنوا مراراً وتكراراً وقوفهم ضد هذه الجماعات ومحاربتها، ودعت المملكة جميع المنظمات والهيئات الدولية وعلماء الأمة الإسلامية للتصدي لهذا الفكر الضال، وفضحه وبيان خطره وتحصين شباب الأمة من دعوات هؤلاء التكفيريين الذين أفسدوا في الأرض واستهانوا بدماء المسلمين وأعراضهم حتى أنه أصبح قتل المسلم عندهم أهون عليهم من قتل حيوان في غابة، ثم إن خادم الحرمين الشريفين أطلق العديد من المبادرات لمحاربة هذا الفكر الضال ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر وقوفه مع المركز الدولي لمكافحة الإرهاب ودعمه لهذا المركز بمائة مليون دولار، ودعوته للمجتمع الدولي للوقف وتفعيل دور هذا المركز كل ذلك استشعار منه حفظه الله لخطر الإرهاب وأهمية محاربته والقضاء عليه. مناصرة المستضعفين وأضاف "الغنام" أن المملكة حاربت الإرهاب وفكره وجندت العديد من العلماء والمفكرين للرد على شبهات تلك الجماعات وأفكارها وتعريتها أمام الرأي العام، ثم إنها عندما رأت أن شر هذه الجماعات قد زاد عن حده ولا يمكن السكوت عليه بأي حال من الأحوال وبان خطرهم على وحدة بلاد المسلمين واستباحة دمائهم، ثم توالت النداءات من المستضعفين فقد أدت المملكة دورها المنوط بها لاجتثاث هؤلاء الخارجين الذين عاثوا في الأرض فساداً؛ فقامت بواجبها وشاركت المجتمع الدولي بضرب هذا الفكر بكل قوة وحزم لكي لا يظن هؤلاء الخوارج أن المملكة بقيادتها وشعبها ستقف مكتوفة الأيدي وتتفرج على أفعالهم، بل نحن في المملكة بعون الله سوف نواجههم ونقضي عليهم بإذنه تعالى بكل قوة وحزم حتى يعود الأمن والاستقرار إلى إخواننا المستضعفين الذين لم يجدوا ناصراً لهم بعد الله إلاّ قادة هذه البلاد ومن وقف مع المملكة في محاربة الإرهاب نصرة للمستضعفين، ومحاربة لمن يعمل لتمزيق بلاد المسلمين وإضعافها وتشويه صورة الإسلام والمسلمين في العالم، كما لا يفوتني أن أنوه بقرار هيئة كبار العلماء الذي جرّموا هذه الجماعات معتبرينهم خوارج وطالبوا بالوقوف بوجههم بكل حزم وقوة. خدمة الإسلام وأشار "الغنام" إلى أن المملكة لما تتمتع به من خصائص ومن أهمها وجود الحرمين الشريفين وسياستها المعتدلة ومكانتها في قلوب المسلمين؛ فإن العالم الإسلامي ينظر إلى المملكة نظرة احترام وتقدير لقراراتها التي تتجه دائماً إلى ما يخدم الإسلام والمسلمين وكافة قضاياهم، وبالتالي كان من واجب المملكة دينياً وأخلاقياً أن تبادر وتكون في الصفوف الأولى في محاربة هذه الجماعات مثل "داعش" وغيرها من المنظمات الإرهابية التي ظهر فسادها وأضرت بالمسلمين قبل غيرهم، فكان هذا القرار الحاسم والمشاركة الفعالة مع الدول المتحالفة وفي مقدمتها المملكة قرار حكيم وصائب لضرب الإرهاب وإعلان الحرب عليه والقيام بتوجيه ضربات نوعية تستهدف مراكز قوتهم وتجمعاتهم والحد من خطرهم والقضاء عليهم وتجنيب المدنيين أي خطر أو ضرر قد يلحق بهم نتيجة هذه الضربات. وأكد "الغنام" على أن هذه الضربات إنها جاءت في الوقت المناسب ولدحر توسع وامتداد خطر هذه المنظمات لإرهابية واجتثاثها من عروقها قبل أن يستشري شرها أكثر من ذلك؛ فيصعب بعد ذلك القضاء عليها، سائلاً الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين، وأن يحفظ قواتنا وجميع المشاركين في هذه الحملة من كل شر وينصرهم ويسدد رميهم.