المدارس الأهلية والمدارس الخيرية هي جزء من نظامنا التعليمي، وليست منفصلة عنه؛ ولذلك ليس مقبولاً اعتبار المسلكيات الخاطئة التي تحدث في تلك المدارس مسلكيات خارج السياق العام للتعليم؛ فما يحدث من أخطاء وتجاوزات في المدارس الأهلية والخيرية هي مؤشر لخلل يجب التعامل معه أياً كان مصدره. وقد كنا نظن أن أسلوب الضرب الذي يمارسه بعض المعلمين ل «تأديب» الطلاب - حسب زعمهم - هو جزء من الماضي الذي ولَّى، لكن مقطع الفيديو الذي تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، والذي يُظْهِر معلماً يضرب طالباً بوحشية باستخدام «سوط خيل»، ذكَّرنا مرة أخرى بما يحدث في الخفاء في بعض مدارسنا من مخالفات جسيمة، لم نكن لنعرف عنها لولا المقاطع التي يتصادف تصويرها لتلك المخالفات، وتجد طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. لقد تبيّن أن المقطع الأخير الذي سجَّل الواقعة قد حدث في إحدى المدارس البرماوية الخيرية في مكةالمكرمة، حسبما ذكرت «الجزيرة أون لاين»، وأن المدرسة اكتفت بفصل المعلم دون الرفع إلى إدارة التعليم. بالطبع، الفضل في ضبط الواقعة يعود إلى من قام بتصويرها، وهو أحد زملاء الطالب المضروب، وكانت هذه الواقعة ستمر دون أن يشعر بها أحد لولا تصويرها ونشرها! ولذلك يتبادر إلى الذهن سؤالٌ مهم، هو: كم يا ترى من الممارسات الخاطئة التي تحدث في المدارس ولا يعلم عنها أحد؛ لأنها لم تُصوَّر وتوثق!؟ من المؤكد أن وزارة التربية والتعليم لا ترضى بأن يعتدي معلمون على طلاب، أو العكس. وقد تجاوبت إدارة التعليم بسرعة مع الحادثة؛ وشكَّلتْ لجنة لزيارة المدرسة للتحقيق فيما حدث، كما أنها أكدت أن «مثل هذه التجاوزات التي تسيء إلى الطالب أو الطالبة نفسياً أو بدنياً مرفوضة بشكل قاطع، وأن من يقوم بها كائناً من كان سيُحال إلى الجهات المختصة؛ لتصدر بحقه العقوبة المستحقة»، حسبما أوردت صحيفة «الجزيرة أون لاين». من المؤسف أيضاً أن هناك اعتداءات مخجلة تحدث من بعض الطلاب بحق معلميهم، وهذه الاعتداءات لا تقل شناعة عن اعتداءات المعلمين، وربما تفوقها؛ لأن المعلم بمنزلة الوالد، و»من علمني حرفاً كنتُ له عبداً». ومن أبشع ما حدث مقتل معلم في إحدى مدارس جازان بآلة حادة على يد أحد طلابه العام الماضي في مثل هذه الأيام. إذا كنا نسعى لقيام مجتمع منضبط متحضر فإن هذه الممارسات البدائية الوحشية يجب أن تُجتث، وهذا يتحقق عن طريق التربية وعن طريق العقاب. ودور وزارة التربية والتعليم، كما هو معروف، متابعة هذه المخالفات الجسيمة، ومعاقبة من يرتكبها. ويجب أن تعلم المدارس الأهلية والخيرية أنها ليست بمنأى عن العقاب. وقد كان على المدرسة الخيرية التي وقعت فيها الحادثة الأخيرة أن تبلّغ الوزارة فوراً بما حدث، وليس الاكتفاء بفصل المعلم الذي سيتعاقد مع مدرسة أخرى، ويستمر في تعذيب الطلاب.