تميل النفوس للطيِّب من القول، وللقائل الطيِّبِ مسلكُه..، بمثل ما تحب الطيِّب من العطر، والطيِّب من الفعل.. الطيِّبون راضون..، مرضيُّون، ... مع أنّ من الناس من لا يميّز بين الطيِّب فيهم..، والغبي منهم..، فيسِمون الغباءَ بالطيبة..، والطيبة بالبلاهة..! ويجعلون الطيب غبياً..!! وتختلط لدى كثير الخطوط الرهيفة بين السذاجة، والطيبة،... بل الغباء.. والبلاهة..!! وتصل في أوجه من الخلط لتأويل الطيبة خبثاً.. والطيِّب يبقى طيباً لا يعير بالاً لأي تفسير عنه، ولا يبالي بالتأويل.. ويمضي غير آبه.. لذا يُركن في زاوية..، ويُهمَّش دون الإفساح..!! بشرٌ تختل بهم الموازين...،!! وتضطرب الحكمة..!! إذ عند تفاقم المصالح التي تخصهم..، وحين توغل غايات أي فرد منهم..، تصطرع المنافع بينهم..، فتتناكب الكتوف..، فيلكز الناس بعضهم بعضاً ..، ويلمز بعضهم بعضاً..، ويدَّعي بعضهم بعضاً خبث الطيب، ونكران الطيبة عند تأويلها بسذاجة حاملها، أو بغبائه...، بخبثه، أو ببلاهته..!! السذّج ، الأغبياء ، الخبثاء ، البلهاء عند بعضهم قد يكونون هم صفو الوجود، وخير الموجود..!! مع أنّ الإشارة للطيّب حكمة، وآي كريم..، ليس لجنٍّ، ولا لإنس: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} (2سورة الحج 24) {وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}.. فالطيِّب من القول، والفعل لا يأتي إلاّ من قلب طابت فطرته، فطاب منهجه، وعُطِّر بطيبه..، وتطيَّب مَن حوله بزكي عُرْفه.. إنّ الطيبين عطر الوجود، دعاة للسكينة والطمأنينة، مزارعون في ثرى الخير، وأمان الحياة، مثمرون في شجر الشراكة، والرفقة.. تحلو بهم الحياة ، ولا تخبث بهم النواة..