تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمواطنيين من خلال مكتبه بالبيت الأبيض وقد استهل قائلاً: إخواني المواطنين الأميركيين، هذا المساء، أريد أن أتحدث إليكم عمّا ستقوم به الولاياتالمتحدة مع أصدقائنا وحلفائنا للحط من قدرة الجماعة الإرهابية المعروفة باسم داعش، وفي نهاية المطاف القضاء عليها. بصفتي القائد الأعلى للقوات المسلحة إن أعلى أولوياتي هي أمن الشعب الأميركي. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، قمنا بنقل المعركة بثبات إلى الإرهابيين الذين يهدّدون بلادنا. وقد قضينا على أسامة بن لادن ومعظم قيادة القاعدة في أفغانستان وباكستان. كما استهدفنا تنظيمًا تابعًا للقاعدة في اليمن، ومؤخرًا قضينا على القائد الأعلى للتنظيم التابع لها في الصومال. ونحن أقدمنا على ذلك، فيما كنا نعيد أكثر من 140 ألف جندي أميركي إلى الوطن من العراق ونخفّض عدد قواتنا في أفغانستان حيث سيسدل الستار على مهمتنا القتالية في وقت لاحق من هذا العام. وبفضل خبرائنا العسكريين وفرق مكافحة الإرهاب أصبحت أميركا أكثر أمنًا. ولكننا، ما زلنا نواجه تهديدًا إرهابيا. إذ ليس بمقدورنا أن نمحو كل أثر للشرّ من العالم، كما أن الجماعات الصغيرة من القتلة لديها القدرة على ارتكاب أذى كبير. وتلك كانت الحال قبل 11 أيلول/سبتمبر، ويظل ذلك حقيقيًا الآن. ولهذا علينا أن نبقى يقظين حينما تلوح التهديدات. وفي هذه اللحظة فإن أشد التهديدات تأتي من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تستغل الجماعات المتطرفة المظالم لتحقيق مغانم خاصة لنفسها. وإحدى تلك الجماعات هي داعش- التي تلقب نفسها ب»الدولة الإسلامية». الآن دعونا نوضح أمريْن: إن داعش ليست «إسلامية»، فلا توجد ديانة تغفر قتل الأبرياء، كما أن الغالبية العظمى من ضحايا داعش من المسلمين. ويقينًا فإن داعش ليست دولة. فهي كانت في السابق تنظيمًا تابعًا للقاعدة في العراق وقد استغلت الفتنة الطائفية وحرب سوريا الأهلية لاجتياح أراض على جانبي الحدود العراقية-السورية. ولا تعترف بها أية حكومة ولا يعترف بها الشعب الذي تُخضعه. فداعش تنظيم إرهابي- بكل معنى الكلمة. ولا رؤيا لديها سوى الإجهاز على كل من يقف في طريقها. وفي منطقة عرفت الكثير جدًا من إراقة الدماء، فإن هؤلاء الإرهابيين يمارسون قسوة ليس لها نظير. فهم يعدمون الأسرى لديهم وهم يفتكون بالأطفال. وهم يستعبدون ويغتصبون النساء، ويجبرونهن على الزواج، كما أنهم هدّدوا ألية دينية بالإبادة. وفي أعمالهم الوحشية قضوا على صحفييْن أميركييْن: جيم فولي وستيفن سوتلوف. إذن، فإن داعش تمثل تهديدًا لشعبي العراقوسوريا والشرق الأوسط عمومًا- بمن فيهم مواطنون وموظفون أميركيون ومنشآت أميركية. وإذا ظلوا بدون كابح، فإن هؤلاء الإرهابيين يمكن أن يشكلوا تهديدا أكبر يتخطى تلك المنطقة- بما في ذلك الولاياتالمتحدة. وفي حين لم نكتشف بعد دسائس محددة ضد وطننا، فقد هدّد قادة داعش أميركا وحلفاءنا، كما أن مجموعة هيئات استخباراتنا تعتقد أن آلاف الأجانب- بمن فيهم أوروبيون وبعض الأميركيين- انضموا إليهم في سورياوالعراق. وهؤلاء المقاتلون المدرّبون الذين خاضوا المعارك يمكنهم أن يحاولوا العودة إلى بلدانهم الأم وأن يشنوا هجمات فتاكة. وإنني أعرف أن أميركيين كثيرين ينتابهم القلق من هذه التهديدات. وهذه الليلة أود منكم أن تعرفوا أن الولاياتالمتحدة الأميركية ستجابههم بقوة وعزيمة. ففي الشهر الماضي أصدرت تعليماتي إلى الجيش لكي يقوم بعمليات موجهة ضد داعش لوقف تقدمها. ومنذ إصدار تلك الأوامر قمنا بأكثر من 150 ضربة جوية ناجحة في العراق. وقد أسهمت هذه الضربات في حماية موظفين أميركيين ومنشآت أميركية، وقضت على مقاتلين لداعش ودمرت أسلحة، وسمحت للقوات العراقية والكردية كي تستعيد مناطق مهمة. وهذه الضربات ساعدت كذلك في إنقاذ أرواح آلاف الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال. لكن هذه الحرب ليست حرباً نشنها بمفردنا. فالقوة الأميركية يمكن أن تحدث فارقًا مفصليًا لكن لا يسعنا أن نفعل للعراقيين ما يجب عليهم أن يفعلوه لأنفسهم. كما أنه لا يمكننا أن نحل محل الشركاء العرب في تأمين منطقتهم. ولهذه الأسباب أصررت على أن أي عمل أميركي إضافي كان رهناً بتشكيل العراقيين حكومة حاضنة، وهو ما أنجزوه في الأيام الأخيرة. إذن، هذا المساء وبوجود حكومة عراقية في السلطة، وبعد مشاورات مع حلفاء في الخارج ومع الكونغرس في الوطن، بإمكاني أن أعلن أن أميركا ستقود تحالفًا عريضًا لرد هذا التهديد الإرهابي على أعقابه. وهدفنا واضح: إننا سوف نقوم بالحط من قدرات، وفي نهاية المطاف تدمير، داعش من خلال إستراتيجية شاملة ومستدامة لمكافحة الإرهاب: أولاً، سنقوم بحملة منظمة من الضربات الجوية ضد هؤلاء الإرهابيين. وبالعمل مع الحكومة العراقية سنوسع إطار جهودنا لتتجاوز حماية شعبنا نحن ومهماتنا الإنسانية، بحيث نضرب أهدافاً لداعش بالتزامن معيام القوات العراقية بالهجوم. إضافة إلى ذلك، فإنني أوضحت أننا سنطارد الإرهابيين الذين يهددون بلادنا أينما وجدوا. وهذا يعني أنني لن أتردد في اتخاذ إجراء ضد داعش في سوريا بالإضافة إلى العراق. وهذا مبدأ أساسي لولايتي الرئاسية: إذا هددتم أميركا، فإنكم لن تجدوا ملاذاً آمناً. ثانيًا، إننا سنزيد دعمنا للقوات التي تقاتل هؤلاء الإرهابيين في الميدان. يوم 1 حزيران/يونيو أصدرت توجيهاتي بإيفاد عدة مئات من العسكريين الأميركيين إلى العراق لتقييم كيف يمكننا دعم قوات الأمن العراقية على أفضل وجه. والآن، بعد أن استكملت هذه الفرق مهمتها وشكل العراق حكومة، سنقوم بإرسال 475 عسكريًا آخر إلى العراق. وكما ذكرت آنفاً، هؤلاء العسكريون الأميركيون لن يشاركوا في أية مهام قتالية ولن نستدرج لحرب برية أخرى في العراق. لكن ثمة حاجة لهؤلاء العسكريين لمساندة القوات العراقية والكردية في مجالات التدريب والتخابر والعتاد. كما أننا سندعم جهود العراق لتشكيل وحدات الحرس الوطني لمساعدة المناطق السنية على تأمين تحريرها من سيطرة داعش. وعبر الحدود، في سوريا، رفعنا من مساعداتنا العسكرية للمعارضة السورية. وهذه الليلة فإنني أهيب بالكونغرس مرة ثانية كي يمنحنا تفويضًا وموارد إضافية لتدريب هؤلاء المقاتلين وتزويدهم بالعتاد. وفي القتال ضد داعش لا يسعنا أن نعوّل على نظام كنظام الأسد الذي يرهب شعبه نفسه؛ نظام لن يستعيد بتاتًا الشرعية التي فقدها. وعوضًا عن ذلك، علينا أن نقوي المعارضة باعتبارها أفضل من يشكل التوازن المتكافئ مقابل متطرفين مثل داعش، وفي الوقت ذاته السعي للتوصل إلى حل سياسي بهدف إنهاء الأزمة السورية إلى الأبد. ثالثًا، سنواصل الاعتماد على قدراتنا الهائلة لمكافحة الإرهاب منعًا لهجمات داعش. وبالعمل مع شركائنا سنضاعف جهودنا لمنع مصادر تمويله؛ وتحسين الاستخبارات؛ وتعزيز دفاعاتنا؛ والتصدي لعقيدتها المشوهة؛ وضبط تدفق المقاتلين الأجانب إلى الشرق الأوسط ومنه. وخلال أسبوعين سأتولى رئاسة اجتماع لمجلس الأمن الدولي لحشد المجتمع الدولي بدرجة أكبر بشأن هذه المهمة. رابعًا، سنواصل توفير مساعدات إنسانية للمدنيين الأبرياء الذين شردتهم هذه المنظمة الإرهابية. ومن هؤلاء الأبرياء مسلمون سنّة وشيعة يواجهون خطرًا شديدًا، إضافة إلى عشرات آلاف المسيحيين وغيرهم من أبناء الأقليات الدينية. ونحن لا يسعنا أن نسمح لهذه الطوائف أن تطرد من مواطنهالعريقة. إذن، هذه هي إستراتيجيتنا وفي كل من الأجزاء الأربعة لإستراتيجيتنا سينضم إلى أميركا تحالف عريض من الشركاء. إن الحلفاء يشاركون بالفعل معنا بطلعات جوية فوق العراق؛ ويرسلون أسلحة ومعونات إلى قوات الأمن العراقية؛ وللمعارضة السورية؛ ويتبادلون معلومات الاستخبارات؛ ويقدمون مساعدات إنسانية بقيمة بلايين الدولارات. وقد كان الوزير كيري موجودًا في العراق اليوم للاجتماع بأعضاء الحكومة الجديدة ولتأييد جهودها في الدعوة إلى الوحدة. وفي الأيام القادمة سيتوجه إلى بلدان عبر الشرق الأوسط وأوروبا لاستقطاب شركاء أكثر إلى هذه المعركة، لاسيما الدول العربية التي يمكنها أن تساعد في تعبئة السكان السنّة في العراقوسوريا لطرد هؤلاء الإرهابيين من أراضيهم. إنها الزعامة الأميركية في أفضل صورها حيث نؤازر الشعوب التي تناضل من أجل حريتها فيما نحشد دولاً أخرى من أجل أمننا المشترك بالنيابة عن إنسانيتنا المشتركة. كما نجحت حكومتي في تأمين دعم الحزبين السياسيين الرئيسيين لهذا النهج هنا في الوطن. وإن لدي السلطة من أجل التعامل مع تهديد داعش. لكنني أعتقد أننا سنكون في وضع أقوى كأمة حينما يعمل الرئيس والكونغرس سوية. لذا، فإنني أرحّب بدعم الكونغرس لهذا المجهود من أجل أن نُظهر للعالم أن الأميركيين متّحدون في مواجهة هذا الخطر. والآن، سيستغرق استئصال سرطان مثل داعش فترة من الزمن. وفي أي وقت نتخذ إجراءً عسكريًا هناك أخطار- لاسيما للجنود من الرجال والنساء الذين ينفذون هذه المهمات. لكنني أود أن يفهم الشعب الأميركي كيف سيكون ذلك المجهود مختلفًا عن الحربين في العراقوأفغانستان. فهو لن ينطوي على قوات قتال أميركية تحارب على تراب أجنبي. وحملة مكافحة الإرهاب هذه ستُشن من خلال عملية ثابتة، بلا هوادة للقضاء على داعش أينما توجد، مستخدمين قوتنا الجوية ومساندتنا للقوات الشريكة في الميدان. وهذه الإستراتيجية للقضاء على الإرهابيين الذين يهددوننا، وفي الوقت ذاته مساندة الشركاء على الخطوط الأمامية هي الإستراتيجية نفسها التي اتبعناها بنجاح في اليمن والصومال لسنوات. وهي تتفق مع النهج الذي حدّدتُ معالمه في وقت سابق من هذا العام، وهو استخدام القوة ضد أية جهة تهدّد مصالح أميركا الأساسية، لكن في الوقت ذاته استنفار الشركاء أينما كان ذلك ممكنًا لمعالجة التحديات الأعمّ للنظام الدولي. إخواني المواطنين الأميركيين، إ ننا نعيش في وقت يتسم بتغيير هائل. فغدًا يصادف الذكرى ال13 للهجوم على بلادنا. وفي الأسبوع المقبل ستكون قد انقضت 6 سنوات على أسوأ نكسة لاقتصادنا منذ فترة الكساد العظيم. لكن وبالرغم من هذه الصدمات وبعد الألم الذي أحسسنا به والعمل الشاق المطلوب للانطلاق من جديد، فإن أميركا في وضع أفضل حاليًا، أكثر من أي بلد آخر على الكرة الأرضية، لكي تضع يدها على المستقبل. فشركات التكنولوجيا التي لدينا وجامعاتنا ليس لها نظير، كما أن صناعاتنا وشركات صناعة السيارات لدينا تزدهر. أما الاستقلال في مجال الطاقة فقد أصبح أقرب مما كان منذ عقود. وبالنسبة لما تبقى من عمل، فإن مؤسساتنا التجارية تخوض أطول فترة بلا انقطاع من إيجاد فرص العمل في تاريخنا. وبالرغم من الانقسامات والانشقاق داخل ديمقراطيتنا، فإنني ألمس العزم والتصميم والخير المشترك للشعب الأميركي في كل يوم- وهذا يجعلني أكثر ثقة من أي وقت سبق في مستقبل بلادنا. وفي الخارج، فإن زعامة أميركا هي العامل الثابت الوحيد في عالم يتسم بعدم اليقين. إنها أميركا التي تملك القدرة والإرادة لحشد العالم ضد الإرهابيين. وهي أميركا التي حشدت العالم ضد العدوان الروسي ودعمًا لحق الشعب الأوكراني في تقرير مصيره الخاص. وإنها أميركا بعلمائنا وأطبائنا ومعرفتنا هي التي يمكن أن تساعد في احتواء وعلاج فيروس إيبولا. وهي أميركا التي ساعدت في إزالة وتدمير أسلحة سوريا الكيمائية المعلن عنها كي لا تشكل تهديدًا للشعب السوري والعالم مرة ثانية. وإنها أميركا التي تساعد المجتمعات المسلمة حول العالم، ليس فقط في محاربة الإرهاب، إنما أيضًا في النضال من أجل الفرص، والتسامح، والمستقبل الأكثر أملاً. يا أميركا، إن النعم التي لدينا، والتي لا تُحصى، تفرض علينا عبئًا دائماً. لكننا كأميركيين، نرحّب بمسؤوليتنا عن القيادة- من الأماكن النائية في أفريقيا إلى عواصم الشرق الأوسط التي تمزقها الحروب، إننا نقف للدفاع عن الحرية، والعدالة، والكرامة. وهذه هي القيم التي أرشدت أمتنا منذ تأسيسها. وهذا المساء، أطلب دعمكم في الدفع بهذه القيادة نحو الأمام. وإنني أفعل هذا باعتباري القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي لا يمكنه أن يكون أكثر اعتزازًا برجالنا ونسائنا العسكريين، والطيارين الذين يحلقون بطائراتهم ببسالة في وجه الأخطار في أجواء الشرق الأوسط، والعسكريين الذين يدعمون شركاءنا على الأرض. حينما ساهمنا في منع ارتكاب مذبحة ضد مدنيين حوصروا على جبل بعيد، هذا ما قاله أحد المحاصرين: «إننا مدينون بحياتنا لأصدقائنا الأميركيين. وسيذكر أبناؤنا على الدوام أنه كان هناك شخص أحس بنضالنا وقطع مسافة طويلة لحماية أناس أبرياء.» هذا هو الفارق الذي نحدثه في العالم. وسلامتنا نحن- وأمننا نحن- يعتمدان على استعدادنا لعمل كل ما يلزم للذود عن هذه الأمة والتمسك بالقيم التي نمثلها- إنها مثل عليا أزلية ستدوم زمنًا طويلاً بعد أن يتم قهر أولئك الذين لا يقدمون سوى الأحقاد والدمار، وزوالهم من على وجه الأرض.