لقد ازدادت اللغة العربية ثراءً بنزول القرآن الكريم بها فغنيت مفرداتها وألفاظها وصيغها وأبنيتها وتراكيبها وخصائصها، واكتسبت مزايا وفوائد كثيرة، وصارت لغة خالدة. ومن الخير أن تقوى اللغة العربية، وتستمر لغة العلم والثقافة، فهي السبيل إلى الأدب الصحيح والفكر السليم والفن السامي، وألا نلتفت إلى من يحاول أن يوجد الشقة بين العامية والفصحى، وألا نتيح الفرصة لمن يحاول أن يرتقي بأدب العامية، وفنونها، فذلك هو القطيعة بين الماضي والحاضر. فالأمة لن تجد ما يغنيها في اللغة العامية، إذ إن الفصحى أغنى وأوسع من العامية، وعلينا أن تجتهد في الحفاظ على الفصحى وإحيائها والنهوض بها، كما يجب أن نقول للذين يشكون من صعوبة قواعد اللغة إن هذه الشكوى ليست وليدة عصرنا هذا، ومازال باب الاجتهاد مفتوحاً، ولنعمل على إصلاح تعليم اللغة العربية أسلوباً وروحاً. وهناك تجارب سابقة، فقد كانت مجلة (المقتطف) تنقل قبل ستين عاماً الفكر العلمي الغربي إلى اللغة العربية، كما ترجم كثيرون منذ خمسين عاماً كتباً كثيرة، منهم إسماعيل مظهر، حيث ترجم كتاب (أصل الأنواع لداروين) وغيره إلى العربية بلغة جيدة صحيحة، يضاف إلى هذا أن الدكتور محمد شرف وضع بالعربية قاموسه الطبي قبل سبعين عاماً، فما الذي يجعل العربية عاجزة وقد جارت العلم في شتى ضروبه في القرون الماضية وأوائل هذا القرن، فاللغة هي الناقلة للعلم والثقافة للأمة. وبعد فإن التحديات التي تواجهها اللغة اليوم في عقر دارها هي مزاحمتها التي لا يستهان بها.. وبالله العون والتوفيق.