دعا الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى تعاون إقليمي ودولي واسع النطاق للتعاطي مع الوضع المتوتر الذي تعيشه المنطقة من أجل احتواء الصراعات المتفجرة، وإرساء أوضاع قابلة للاستمرار حتى يمكن تجاوز حالة عدم الاستقرار التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط. وقال في كلمة أمام ملتقى الخليج للأبحاث الذي ينظمه مركز الخليج للأبحاث في جامعة كمبردج أول أمس الاثنين 25 - 8 - 2014م إن التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة لم تنته بعد، وقد يكون ما هو قادم أصعب وأكثر تعقيداً. وأشار الأمين العام لمجلس التعاون في كلمته إلى أن إحدى النتائج المروعة للأحداث التي شهدتها المنطقة تمثل في تحطيم البنية الاقتصادية للدول التي شهدت اضطرابات سياسية وامتدت بتأثيراتها السلبية إلى الدول المجاورة. وقال الدكتور عبداللطيف الزيانى إن الدول الضعيفة تشكل تهديداً مباشراً لجوارها الإقليمي كمصدر للإرهاب، ومأوى للجماعات الإرهابية، وعصابات الجريمة المنظمة، وشبكات التهريب، والهجرة غير المشروعة فضلاً عما تخلفه من كوارث ومآسي إنسانية. وأكد الأمين العام لمجلس التعاون على ضرورة الاستفادة من دروس الماضي القريب ومواصلة العمل لتعزيز الأمن والاستقرار الاقليميين. وقال إن أبرز الدروس المستفادة مما يحدث في المنطقة تتمثل في أهمية مواجهة التطرف والمتطرفين، وأهمية عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، وسقوط مقولة المفهوم الواحد للديمقراطية، وضرورة تدعيم التعاون الإقليمي، ومركزية القضية الفلسطينية في الشرق الأوسط وأهمية إيجاد حل عادل لها، وأهمية استشراف ما قد يحدث في المنطقة مستقبلاً، وضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي ليقوم بمهمته الأساسية في حفظ الأمن والسلم الدوليين. ونوه الدكتور عبداللطيف الزياني بالقدرة التي أظهرتها دول مجلس التعاون في التكيف مع المتغيرات التي حدثت في المنطقة من خلال إصلاحات مؤسسية وقضائية واقتصادية واجتماعية مهمة، وتبني سياسات الإصلاح المتدرج المستند على المزاوجة بين تجربتي الحكم الرشيد في كل من الثقافة العربية الإسلامية والثقافة الغربية. وأكد الأمين العام لمجلس التعاون أن دول المجلس، إدراكاً منها لأهمية ضمان أمنها واستقرارها، تبنت عدد من المشروعات المشتركة لتعزيز التعاون والتكامل في مجال العمل الأمني المشترك من بينها إنشاء القيادة العسكرية الموحدة، وإنشاء الشرطة الخليجية حماية للمجتمعات الخليجية من كافة الجرائم، وإنشاء الأكاديمية الخليجية للدراسات الدفاعية والأمنية والإستراتيجية. ودعا الأمين العام إلى وقف التدخلات الخارجية في الشئون الداخلية لدول المنطقة سواء أكانت تدخلات من دول جوار إقليمي أو قوى دولية. وقال إن التدخل في الشئون الداخلية لدول أخرى يؤدي إلى خلق مشاكل مفتوحة في نهاية الأمر، خصوصاً وأن المتدخل في شئون الآخرين، وفي سبيل تعظيم نفوذه الإقليمي يسعى وعبر وكلائه المحليين إلى تدعيم مصالحه. وشدد الأمين العام لمجلس التعاون على أهمية مواجهة التطرف والحركات الإرهابية ومن يدعمها، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون استطاعت عبر مبادراتها وتعاونها الفعال وتنسيقها المستمر مع الدول الصديقة أن تحارب الفكر المتطرف وتتصدى لمنظمات وشبكات وخطط إرهابية شكلت تهديدا كبيرا ليس للمنطقة فحسب وإنما للعالم بأسره مما أسفر عن إجهاض عمليات إرهابية كبيرة، مطالبا بتفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب الذي اقترحت المملكة العربية السعودية تأسيسه في مؤتمر دولي عقد في الرياض، مشيداً بالتبرع السخي الذي قدمته حكومة المملكة العربية السعودية بمبلغ مائة مليون دولار لدعم أنشطة المركز. وأكد الدكتور عبداللطيف الزياني أن دول مجلس التعاون تدعم التطور السياسي في دول المنطقة، على أن يكون التغيير في الدول العربية منظماً ومحسوباً، وأن لا يؤثر على أمن الدول والاستقرار الإقليمي، مشيراً إلى دور مجلس التعاون في عملية الانتقال السياسي والديمقراطي في الجمهورية اليمنية من خلال المبادرة الخليجية التي جنبت اليمن الدخول في حرب أهلية وفتحت الباب أمام تسوية سياسية مهدت لعملية نقل سلمي وديمقراطي للسلطة. وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون عن ثقته في أن عقلاء المنطقة وحكماءها لن يتركوها تنجرف نحو مزيد من الفوضى، وسيتعاونون لتعزيز أمن المنطقة واستقرارها.