كتب الأستاذ د. محمد بن عبد العزيز الفيصل وفقه الله في الجزيرة يوم 10-10-1435 بعنوان: (الملك سعود والمشراق) تذكيراً ببعض ما تفضّل الله به على الملك سعود، وما تفضل الملك سعود على هذه البلاد والدّولة المباركة، ومنها: 1) كرمه النّادر مثاله. 2) كان اليد اليمنى لوالده العظيم رحمه الله في جهاده لتكون كلمة الله هي العليا وتوحيد المملكة المباركة على التّوحيد والسّنّة. 3) وكان اليد اليمنى لوالده العظيم في تحويل شعب المملكة المباركة من الجهل إلى العلم، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الخوف إلى الأمن جزاءً من الله تعالى على هدم أوثان الأضرحة والمزارات، وإزالة المنكرات والبدع وزوايا التّصوّف، والأمر بإفراد الله بالعبادة والتزام السّنّة والنهي عن الشرك وما دونه من الابتداع. 4) افتدى بنفسه والده العظيم فتلقّى طعنات الخناجر اليمنيّة الغادرة. 5) بناؤه الدّولة السّعوديّة الحديثة بعد تولّيه الملك بنظمها ودورها وأدواتها ووسائلها ومؤسّساتها الثابتة حتى اليوم مذكّرة بعده المتميّز. - وأحسن د. محمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام التي وضع الملك سعود لَبِنَاتِهَا الأولى بتأسيس كلّيّة الشريعة واللغة العربيّة عام 1373 بعد تولّيه الملك، وكان قد أنشأ معاهدها العلميّة التي تجاوزت اليوم السّتّين عدداً سنة 1371 أثناء تولّيه مقاليد الحكم الإداري قبل وفاة والده العظيم بخمس سنين (أنظر سوانح الذّكريات لحمد الجاسر رحمه الله)؛ أحسن باختياره لفظ (المِشْرَاق) فتاريخ الملك سعود رحمه الله لا يليق به لفظ الغروب (نهاية اليوم) بل الشروق (بدايته)، ولبعض آثار الملك سعود رحمه الله قُبْلة الشمس الشّارقة الأولى: مدينة الملك سعود الطّبّية (الشميسي)، مباني الوزارات في طريق المطار القديم، أوّل توسعة للحرمين، أوّل طريق من شرق المملكة في اتّجاه مكّة، ولا يكاد العدد ينتهي، فقد وضع الله فيها البركة عدداً ونفعاً ودواماً في وقت قصير لم يزد فيه إنتاج النّفط عن مليون برميل ولم يزد سعر البرميل عن دولارين. - ولكنّ د. محمّد نسي أهمّ إنجاز للملك سعود رحمه الله: 1) الجامعة الاسلاميّة بالمدينة النّبويّة التي أنشأها الملك سعود رحمه الله عام1380 وأهداها (28) بيتاً من بيوت قصره حرصاً على التّعجيل بالاستفادة منها، وهذه إحدى فضائله التي ميّزه الله بها؛ فقد أهدى ثلاثة من بيوته في مكّة المباركة للتعليم ودرسْتُ في كلّيّة الشريعة (الأولى في مكّة) في أحدها بين عام1374 و1376، كما أهدى سبعة من بيوته في جدّة للتعليم فسمّيت (مدينة الملك سعود العلمية). 2) تشجيع وتمويل محاولة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله وابنه جَمْع فتاوى ابن تيميّة رحمه الله، وطبعها الملك سعود للمرّة الأولى فكانت هديّتنا عند تخرجنا عام1376ه. 3) خَفْض جناح الذّل، ليس لوالديه وحدهما بل لعلماء الأمّة فلم أعرف من ولاة الأمر أكثر منه احتراماً للعلماء وخضوعاً لهم، واذْكُر كيف كان ثلاثة من ولاة العبّاسيين تجاوز الله عنهم ومنهم المعتصم (وامعتصماه) الذي جعلته أساطير الجاهلين قدوة، يسجنون العلماء ويقتلونهم ويجلدونهم بضع عشرة سنة ومنهم الإمام أحمد رحمه الله ليلزموهم بفكر المعتزلة الضّال. بل كان الملك سعود رحمه الله يخفض جناح الذّلّ لعامّة شعبه: زار الملك سعود رحمه الله شقراء فجاءه أحد أهلها ويعمل نجّاراً يحمل ابنه المشلول طالباً عونه، فطلب الملك منه نقله إلى الرّياض، فوصل بعد صلاة العشاء إلى قصر النّاصريّة وأُدْخِل إلى جناح الملك من القصر وكان يستعدّ للنّوم فخرج إليه بالبيجامة وعليه نظّارة فظنّه الطفل طبيباً، فهوّن عليه والده الأمر بقوله: هذا عمّك الملك سعود ما هو بالدّكتور، وأعطاه الملك من جيبه (5.000ريال) تساوي اليوم ما بين (50.000 إلى100.000ريال) رحمه الله وغفر له. 4) وكان أكبر همّ الملك سعود: التّعليم، فكان يحثّ حمد الجاسر (معتمد المعارف) على فتح المدارس (في نجد بخاصّة) لأنّها كانت معوزة منها، فلم ندرس المتوسّط والثانوي إلا في الطّائف إذ كانت الرّياض فضلاً عن القرى لا توجد فيها متوسّطة ولا ثانوية. وكان حمد الجاسر يعتذر بعدم وجود مدرّسين، وعندما تكرّر اعتذاره قال الملك: افتح في كلّ قرية مدرسة: مديرها ومدرّسها إمام المسجد وخادمها ومراقبها: مؤذّن المسجد، ثم نصبر حتى تنمو بمشيئة الله مع الزّمن. جزى الله الملك سعود رحمه الله بقصر في الفردوس من الجنة، وجزى د. محمد الفيصل خير جزائه لتذكير الأمّة ببعض فضائله ومميّزاته. وجزى الله المجدّدين من آل سعود وآل الشيخ خير ما يجزي به المجدّدين لدينه والدّعاة إليه على منهاج النبوّة (بعد ألف سنة من الغفلة عن ذلك بين دول المسلمين بعد القرون الخيّرة). وإنّي لَأعُدّ الملك سعود رحمه الله المجدّد السّابع في هذه الدّولة العظيمة المباركة بما طَبَع من مراجع دينيّة للمرّة الأولى في التّاريخ، وبما أنشأ من معاهد ومدارس وكلّيات وبرفعه شأن العلماء، والله الموفّق.