ما زالت الأعمال السعودية القديمة عالقة في أذهاننا رغم السنين وتعدد الأعمال و(شبه) الأعمال، ما زلنا نتذكر «حمود ومحيميد» و»عودة عصويد» و»طاش ما طاش» و»خلك معي» وحتى «العولمة» و»دمعة عمر»، كانت الأعمال رغم تواضعها الإنتاجي إلا أنها ذات (فن ورسالة) وهذا ما أرسى قواعدها في أذهاننا. في كل سنة وقبل رمضان وفي خضم ضخامة الإنتاج الحالية نُمني أنفسنا بأعمال فنية تُرضي طموحاتنا كما عهدنا، لكن سنة بعد سنة يبدأ اليأس يدُب فينا منذ أن تبدأ الإعلانات المبتذلة والتي توحي لنا بأننا على موعد مع الفن الأجوف وعرض الأزياء، حتى وصلنا إلى هذه السنة والتي مع الأسف خرجنا من المنافسة الفنية الخليجية خاليي الوفاض تماماً بعد أن كنّا الأفضل، لماذا؟ لأننا ابتعدنا عن (الفن والرسالة) وبدأنا في مرحلة تنافسية خطيرة عنوانها (الهياط الإنتاجي)، كما أصبحت نظرة المنتجين للجمهور نظرة دونية يعتقدون من خلالها بأن المشاهد ينتظر منه أن يقدم عرضاً للأزياء متخماً بالحسناوات وأيضاً الوسيمين من الرجال، وهذا ما جعلهم يتسابقون على الأكثر جمالاً فقط، حتى بدأ هذا الهوس (الفطري) ينخر في جسد الدراما السعودية ويذهب بها إلى هاوية الفن. كلنا يعرف بأن ركائز العمل الفني قبل حسناوات المنتج أربعة ركائز وهي: الكتابة والتمثيل ومن ثم الإخراج فالإنتاج، وعندما يختل أحدهم اختل العمل حتى يصل إلى الدرك الأسفل. السعودية غنية بكتّابها المبدعين ولا تزال ولاّدة بالكتّاب النادرين على المستوى العربي، لكن لماذا لا نزال نفتقد إلى النصوص الرائعة؟.. وكذلك الممثلين!! أحجار الشطرنج في يد المخرج ليحركها كي يكسب اللعبة، لكن للأسف من قبل أن تبدأ هذه اللعبة حتى يُصّرخ (كش ملك). ظهرت هذه السنة الأعمال السعودية بلا هوية ولا حتى طعم أو رائحة، فبداية (بالأضخم إنتاجياً) والذي سقط بدايةً من خلال (الاسم)، مروراً ب (خميس بن جمعة) والذي لا يزال الفنان (الإنسان) فايز المالكي من خلال أعماله تقديم المواضيع الهادفة للمجتمع، لكن أعتقد بأنه (ما هكذا تورد الإبل يا أبا راكان)، فالنصوص الركيكة لا تجعل من هدفك (السامي) عملاً فنياً رائعاً، وصولاً ل (سواق وشغالة)، وانتهاءً بما أنتجه تلفزيوننا (المكلوم) من أعمال متواضعة جداً حتى وصل به الحال للاستعانة ب (القدير) أحمد بدير لترميم بعض الحطام المتراكم.. أما (واي فاي) الأشهر والأكثر مشاهدة هذا العام، فقد افتقد كثيراً إلى النص الكوميدي العميق، وارتكز على (البهرجة) الإنتاجية أولاً ومن ثم التقليد المباشر، ولو اهتموا قليلاً بالنص والكوميديا لعاش العمل أكثر من ذلك.. لا تسألوني لماذا لم أتحدث عن مسلسل (حسب الظروف) لأنني للأسف الشديد وكامل احترامي لإخواني وأخواتي المشاركين فيه لا أعتبره عملاً فنياً، إن كنّا نريد مقارعة إخواننا الخليجيين على الأقل في الدراما لا بد لنا من عدة أمور: الكتّاب: يجب أن تكون هنالك ورش عمل نصيّة لكي يخرج النص بأقل الخسائر.. الممثلون: يجب أن يُخّتار الممثل المناسب في الكركتور المناسب، بعيداً عن الشللية والتناحر والأنفة التي تنخر الوسط الفني؟ المخرجون: لا عيب في أن يبحث المخرج عن كل جديد في عالم الإخراج وكذلك عن طريق الالتحاق بالدورات التدريبية لتنمية مهاراته.