هل تعلم أن قوقل تشتري شركة أو أكثر أسبوعياً في السنوات الأربع الأخيرة؟.. ما السبب وراء حمى الشراء الشرهة هذه، والتي تطول كل أنواع الشركات والمنتجات، حتى وصلت للاستحواذ على شركة بوسطن دايناميكس للربوتات «رجل ألي» ذات الاستخدامات العسكرية؟ هل تريد قوقل فعلاً السيطرة على العالم عن طريق السيطرة عليك أولاً؟ محرك بحث قوقل بدأ كمشروع بحثي ل» لاري بيج وسيرجي بيرن» عند دراستهما لدرجة الدكتوراه في جامعة ستانفورد عام 1996. جلس الاثنان بعد إطلاقهما لمحرك البحث البسيط والذي استضافته خوادم جامعة ستانفورد في مطعم قورمت الصيني في مدينة بالوا التوا الأمريكية مع ممثلين لشركتي ياهو والتافيستا. كان مهندسي محرك البحث الصغير يأملون في بيع برمجيتهم بمبلغ بخس لا يتجاوز المليون دولار. انتهى الاجتماع وانتظرواً طويلاً حتى تلقوا الخبر المزعج لهم «بذلك الوقت» برفض الشركتين فكرة شراء برمجيتهم. كان عذر شركة ياهو يتعلق بالسرعة الفائقة التي يتمتع بها محرك قوقل مما يتعارض مع رغبتهم بقضاء المستخدم أكبر وقت ممكن بالموقع. بعد ستة أشهر من ذلك الاجتماع نجح لاري وسيرجي قوقل بإقناع أحد مؤسسي شركة صن آندي باكتولسهايم بكتابة شيك بمبلغ 100 ألف دولار لتمويل مشروعهم. نصحهم آندي بتسجيل دومين خاص وتأسيس شركة جديدة وكان هو الشخص الذي قام خطأ بتهجئة كلمة قوقل وهو ما اضطر لاري وسيرجي لتأسيس الشركة بنفس الاسم الموجود بالشيك ليتمكن الاثنان من صرفه. بعد ذلك اللقاء بخمس سنوات.. ترتفع قيمة قوقل السوقية إلى 23 مليار دولار بعد طرحها للاكتتاب العام وتستمر بالارتفاع لتصل إلى 400 مليار دولار في فبراير الماضي كثاني أعلى شركة في أمريكا بعد شركة آبل من ناحية القيمة السوقية. الدرس الذي استفاده مؤسسي قوقل من عملية البيع الفاشلة والتي ندم عليها ياهو والتافيستا, لا تكرر نفس الخطأ وقم باقتناص كل شركة صغيرة لديها مستقبل واعد.. (المضحك أن ياهو قامت بشراء شركة صغيرة للمجموعات البريدية تدعى اي قروبز في عام 2000 بملبغ نصف مليار دولار وهي الشركة التي تعود ملكيتها إلى كارل بيج الأخ الشقيق للاري بيج مؤسس قوقل.. (اختاروا ابن بيج «الخطأ»). لهذا, قامت شركة قوقل بالاستحواذ على أكثر من 200 شركة واعده خلال عمرها القصير الذي يبلغ الخمسة عشر عاماً. لم تسيطر فقط بهذه الاستحواذات على شركات متقدمة فحسب, بل سيطرت بسببها على مفاصل حياة المليارات من البشر.. حيث شكلت هذه العمليات الشرائية العمود الأساسي لكثير من منتجات قوقل الحالية. فمنتج خرائط قوقل مبني على تقنيات 3 شركات مختلفة للخرائط قامت قوقل بشرائها في أكتوبر من العام 2004 ووصل عدد الشركات المختصة بالخرائط التي تملكتها قوقل حتى الآن, 11 شركة. أيضاً منتج مستندات قوقل احتاج إلى 8 شركات لتأسيسه. فيما احتاج منتج قوقل الأشهر نظام الأندرويد إلى 23 عملية استحواذ ليعتلي منصة الهواتف الذكية في العالم. لذلك يستحيل أن تجد الآن أي منتج لقوقل لم يتم دعمه بشراء شركة أو أكثر. لكن قرارت قوقل الشرائية لم تكن جميعها ناجحة. فحسب اعتراف نائب رئيس قوقل لتطوير الشركات ديفيد لووي.. كان ثلث استحواذات قوقل فاشلاً فيما أشاد بنجاح الثلثين الأخيرين. دفعت قوقل 230 مليون دولار في تطبيق سلايد وهو شبكة اجتماعية قائمة على الألعاب ثم أوقفت العمل في التطبيق بعد عام واحد. وفي نفس العام الذي نفذت فيه قوقل العملية الشرائية الأفضل في تاريخها بشرائها لشركة الأندرويد, قامت بشراء تطبيق دوجبوول بمبلغ غير معلن لتقتل الخدمة بعدها بسنتين. لكن أحد أشهر عمليات الشراء الفاشلة كانت بالعام 2007 عندما فضلت قوقل شراء شركة جيكيو بدلاً من شركة أخرى صغيرة تقدم نفس الخدمة تدعى «تويتر». لكن هل قوقل تشتري الشركات لتحويلها فقط لمنتجات سوقية ناجحة؟ الإجابة بالطبع لا. فأسباب استحواذ الشركات الكبيرة على الصغيرة لا يكون لمجرد المنتج فحسب. يمكن أن نلخص الأسباب بثلاث نقاط «التقنية, السوق، الموهبة». شراء شركة ما قد يكون بسبب التقنية المتقدمة التي تقدمه منتجاتها مثل شراء قوقل لشركات أندرويد ويوتيوب. أيضاً قد يكون السبب عدد المستخدمين والقوة السوقية للشركة مثل شركات موتورولا وأدموب. أما أخطر أنواع الاستحواذ فيكون بشراء شركات فقط لضم العاملين من مهندسين ومبرمجين إلى قوقل وإيقاف الخدمات التي تقدمها تلك الشركات وهو مايعرف باستحواذ «الموهبة». تستخدم قوقل هذا النوع من الاستحواذات في تجديد الدماء الشابة في الشركة وتكوين فرق صغيرة من المهندسين الشباب المعتادين على العمل معاً وتزرعهم في أطراف الشركة المتنامية. يكفي أن تعرف أن قوقل دفعت مبلغ 3 مليارات دولار في شركة نيست لابز لأجهزة تنظيم الحرارة المنزلية رغبة منها في تأسيس قطاع يختص بالعتاد. تختفي الحيرة عندما تعرف أن مؤسس هذه الشركة الصغيرة هو توني فاديل المصمم والأب الروحي لجهاز آبل آيبود ومدير قطاع الآيفون السابق. قوقل التي تسيطر الآن على محرك البحث الذي تستخدم, ونظام الخرائط الذي يساعدك, ونظام الهواتف الذكية الأشهر بالعالم «الأندرويد».. لم تكتف بسيطرتها البرمجية الذكية على هاتفك وكمبيوترك وتطبيقاتك، بل دخلت مرحلة جديدة من الاستحواذات في شهر ديسمبر الماضي. حيث قامت في أسبوع واحد بشراء 9 شركات للروبوتات الذكية «رجل آلي» كان أخطرها شركة بوسطن دايناميكس ذات الاستخدامات العسكرية ومنتجاتها المرعبة ك «bigdog» أو «cheetah» الربوت الأسرع بالعالم بسرعة تتجاوز 45 كيلاً بالساعة. قوقل تبنت شعار «لا تكن شريراً» ولكن سعيها المتواصل للسيطرة التامة على عالم المستخدم وتحول سياساتها الاستثمارية المتجهة نحو الاحتكار وزيادة جشعها المالي ينبئ بمستقبل مخيف تسعى قوقل للسيطرة فيه على العالم. يكفي أن تبحث في قوقل عن فيديو «wildcat» لتشاهد بعينك.. لماذا دفعت قوقل مبلغ نصف مليار دولار.