وقَّع ما يربو على الثمانين داعية سعودياً، من أصحاب البيانات إياهم، بياناً سياسياً، وقفوا فيه مع مقاومي غزة، وبخاصة حماس الإخوانية، واعتبروا أن هذا موقفٌ يفرضه عليهم دينهم، وليس أبداً دوافع كيدية لهذه الدولة أو تلك، أو كيداً لمناوئي هذه الجماعة، ووقوفاً في صف أضدادها. واعتبر آخر في محاضرة له أن المقاومين في غزة ليسوا مقاومين ضد الاحتلال الصهيوني الظالم فحسب، وإنما هم - وليس غيرهم - المقصودون بالطائفة المقدسية (المنصورة) التي تعيش في أكناف بيت المقدس، كما نصت عليها بعض الأحاديث النبوية. وغرد آخر في (تويتر)، وهو من الخطباء المشهورين، على رؤوس الأشهاد بأن الوقوف مع غزة وأهل غزة ومناصرتهم هو موقف تفرضه على أهل السنة والجماعة (عقيدة الولاء والبراء) حسب المصطلح السلفي؛ وبالتالي فكل من انتقد استفزاز الصهاينة، وجرهم لقصف هذه البلدة المغلوبة على أمرها، فهو كافر.. يا ساتر! وكان أصحاب (بيان ال 86 مطوعاً) قد ضمن بيان نصرة المقاومين في غزة عبارة تقول: «ونؤكد في هذا المقام أهمية يقظة إخواننا المجاهدين في غزة لمكر العدو الصفوي الإيراني وصنائعه كحزب اللات، الذي قد يستغل تخاذل حكومات العرب عن نصرة إخوانهم ليكسب ببعض المواقف تعاطف المغفلين من بعض أبناء أمتنا». فكانت هذه العبارة بمنزلة القشة التي قصمت ظهر البعير الصحوي، وأظهرت المقاومين في غزة على حقيقتهم، وجعلت الحمساويين وأقرانهم أمام مفترق طرق: فإما أهل السنة السعوديون، أو الضرب بهم وبثوابت عقيدتهم عرض الحائط، والانحياز علناً إلى إيران الصفوية وحزب الله؛ فالأمر كما كنا نقول ونكرر متوقف على من يدفع لهم أكثر، وليس على نقاء العقيدة واستقامتها كما يتوهم البعض. يقول الناطق الرسمي لحركات المقاومة في غزة، في بيان بثته على لسانه (قناة الميادين اللبنانية)، المناصرة لإيران وحزب الله، عندما سألته المذيعة عن رده على البيان، فقال بالنص: «ردنا على هؤلاء أن إخوتنا في الجمهورية الإسلامية وفي حزب الله شركاء في هذه المعركة، بتوجيهاتهم، بدعمهم المالي والعسكري، وعلى جميع المستويات؛ لم يدخروا جهداً في إطار هذه المعركة التي لم تنتهِ».. ثم أضاف بوقاحة مغرقة في التنديد بالبيان قائلاً: «ردنا على أمثال (هؤلاء) الذين ما فتئوا يخرجون علينا إلا بأحاديث والدعاء: الدعاء لا يجدي نفعاً مع الدماء والرصاصات التي ربما اشتُريت من قبل هؤلاء لتقتل أبناء شعبنا الفلسطيني».والبيان فيه من الخزعبلات، والنكران، والاتهامات المجانية، ما لا تتسع هذه الزاوية لذكرها، ومن أراد أن يستمع إليه كاملاً فهو على هذا الرابط http:/ / www.youtube.com/ watch?v=RQZLgySh8_sالجزيرةfeature=youtu.be طيب، وبعد هذا الرد هل سيأتي إلينا بعض هؤلاء الذين وقَّعوا على البيان، مثل الشيخ ناصر العمر، والشيخ عبدالله الغنيمان والشيخ عبدالعزيز العبداللطيف، (الذي يدعي أنه من مناصري دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب)، ويقولون لماذا لا تناصرون حماس؟ وهل سيتجرأ خطيب الحرم الشيخ ابن شريم أن يقول في اندفاع وتعجل إن مناصرة المقاومين في غزة قضية كفر وإيمان؟ وهل سيتجرأ الشيخ محمد العريفي أو غيره بأن يصف حماس بعد هذا الرد الوقح بأنها (الطائفة المقدسية المنصورة) التي بشر بها الحديث الذي رواه لمتابعيه في إحدى محاضراته؟ هذا الحمساوي (القميء) لم يرد عليكم - أيها الإخوة - وعلى بيانكم، وعلى اندفاعكم غير المحسوب وغير الحصيف، وغير المتزن، وإنما رد على رب العباد حينما قال (الدعاء لا يجدي نفعاً)؛ والله جل وعلا يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، والدعاء مخ العبادة كما روي عنه صلى الله عليه وسلم؛ فهل سينتفض ولو واحد منكم، ويعلن براءته من هؤلاء؛ لأنه يخاف الله رب العالمين؟ وبكل صراحة ومباشرة أقول لهؤلاء: إنكم إن لم تتنبهوا إلى هذه الحركات المتأسلمة، وما يخططون ويعملون لتحقيقه، ستجدون أنفسكم يوماً تناصرون صفويي إيران، ومن يدور في فلكهم، أعداء لمن عادى الولي الفقيه، وأولياء لمن والاه، كما هي حماس الإخوانية التي عنها تذودون، وعن حماها تدافعون، حتى وإن كان الثمن مقتضيات عقيدتكم. إلى اللقاء.