يُعَرف الإبداع على أنه إحداث الأشياء من غير مثيل سابق لها, والإبداع أعلى مرتبة من التكوين والخلق والإحداث والصنعة لكونها جميعها تأتي من وجود مادي أو زمني أو مهاري سابق بخلاف الإبداع الذي لا يعتمد على مثيل سابق لا في التكوين ولا المنشأ ولا حتى الظهور، وإذا صح تطبيق هذا المفهوم على الممارسة التشكيلية فإنه يضيق الخناق جداً في أطلاق الإبداع على المنجز الفني أو الفنان منتج العمل الفني ويخرج من دائرة الإبداع الكثير مما يقدم في الوسط التشكيلي، وهناك من يرى أن الإبداع هو النظر للمألوف بطريقة غير مألوفة، وتتباين المفاهيم والتعريفات للإبداع ولكنها تتمحور في غالبها حول أربعة أبعاد، فهناك مفاهيم محورها المناخ المحيط للإبداع وهو مصدر الحكم عليه، ومفاهيم محورها الإنسان المبدع بشخصيته وخصائصه المعرفية والتطويرية، ومفاهيم تعتمد في محورها على العملية الإبداعية وارتباطها بحل المشكلات وأنماط التفكير، ومفاهيم تعتمد على النواتج الإبداعية والحكم عليها من حيث أصالتها وعادة ما تكون التعريفات والمفاهيم التي تعتمد على هذا المحور هي الأكثر شيوعاً والأقرب لجوهر الإبداع التشكيلي، والحكم على الإبداع يمر بعدة محكات بين طلاقة في توليد عدد من الأفكار والبدائل والمترادفات، ومرونة في تنويع الأفكار، والأصالة هو أكثر الخصائص والمحكات ارتباطا بالإبداع وهو العامل المشترك بين كثير من المفاهيم والتعاريف للإبداع وهو يُعنى بالجدة والتفرد، والعمل الأصيل هو العمل المتفرد والجديد وغير المسبوق... وبمقارنة بسيطة بين ما يمارس في الساحة التشكيلية المحلية من إطلاق مصطلح إبداع ومبدع على المنجز أو الفنان وبين مفهوم الإبداع فإن حجم المبالغة كبير أكبر من المنجز بكثير، فأصبح يطلق على إنتاج المبتدئين والمبتدئات إبداع تشكيلي بلا حدود، وأضحى أنصاف المواهب مبدعي الساحة ومنظريها بأعمال فاقدة الهوية بلا أصالة ولا تفرد بين محاكاة منجز عالمي أو حتى تبعية لآخر عربي في منجزات مكررة ومستنسخة متجاوزة العلاقات المشروعة بين المنجزات الثقافية والفنية من تناص وتراسل إلى اقتباس وتقليد ومحاكاة وتبعية، وزاد الأمر سوءا وضبابية دعم بعض المؤسسات الحديثة التي بدأت -مؤخراً- في الانتشار بعقود احتكار للفنانين المبتدئين وتقديمهم على أنهم مبدعو الساحة بمنجزات مقلدة وأعمال مستنسخه بقلة وعي وضعف ثقافي بالمنجز التشكيلي على المستوى العالمي والعربي وحتى المحلي من القائمين على هذه المؤسسات التي غلب عليها التسويق والتسليع للفنون بدون خلفية أو وعي ثقافي بأهداف تبتعد كثيراً عن الفن وترتمي في أحضان التسويق والماديات، مقدمة المنجز المحلي على أن مبدعيه مقلدون ومستنسخون من التجارب المحيطة ومنجزاتهم فاقدة للجدة والتفرد والأصالة وذلك عندما وضعت المادة الهدف على حساب الفن والإبداع، ومساهمة في انحراف بوصلة الفنون التشكيلية من الإبداع إلى الاتباع.