يُواجه أبناء غزة إنزال وحوش الجو الإسرائيلي الحِمم المتواصل من قنابلهم على أحياء وسطها وأطرافها؛ فأحرقوا المئات من الأطفال، والشيوخ، والنساء تحت أنقاض منازلهم التي غيَّرت ملامحهم إلى أشلاء متمزّقة، وعظام مُتناثرة، وجلود متفحمة من الصعب على أهلها معرفتها! فالغزاويون وغيرهم من أبناء بلدان فلسطينالمحتلة يُعانون ويلات الاحتلال الإسرائيلي منذ سبعة عقود؛ وهم يُواجهون فوهات مدافع دباباتهم، وطلقات رشاشاتهم، وتصويب بنادقهم بحجارة أرضهم الطاهرة. يُواجهون غازات قنابلهم الخانقة بلفائف ألثمتهم، وشعبٌ هذا سلاحه لا بُدّ بمشيئة الله أن ينتصر؛ لمواجهة وحشية عدو تشمئز من ذكرها القلوب. بقروا بطون الحوامل، وقتلوا أجنتها، وكسَّروا عظام الشباب، ومثَّلوا بها، وأهانوا الشيوخ، وأذلّوا قدرها، ويتموا الأطفال، وشردوها، ورمّلوا النساء، وانتهكوا حرمتها، وهدموا المنازل على رؤوس أصحابها، وحرّقوا المساجد بعبّادها، ودمّروا المدارس بتلاميذها...! وهذا الذي حدث ويحدث لأبناء غزة يُذكّرنا بما حدث بأبناء صبرا، وشاتيلا، وتل الزعتر، وبرج البراجنة، وعين الحلوة، وغيرها من بلدان فلسطين. فأبناء غزة رجالاً، ونساءً، وأطفالاً يُواجهون بقوة إيمانهم، وعظم عزيمتهم، وأمل نصرهم ظلم العدوان الإسرائيلي الذي قتل في غزة أكثر من خمسمائة شهيد من الأطفال، والنساء، والشيوخ. وأكثر من ثلاثة آلاف إصابة جرح، وإعاقة، وتشويه. إنّ دماء أبناء فلسطين غالية على أهلها منذ أن وطأت أقدام المحتلين القذرة أرضهم الطاهرة؛ وهم يحتملون التعذيب بالصبر، ويُواجهون الرصاص بالحجارة، والغازات باللثام. كما لم يسبق أن واجه شعب في أرضه على مدى سبعين عاماً مثلما واجه شعب فلسطين من عدوّه المحتل، حيث واجه الظلم بالصبر، والحياة بالتضحية، والقمع بالصمود؛ ومن اتصف بهذا فالنصر له بمشيئة الله قريب. لذا نرفع أكف الضراعة أن يشلّ الله أيدي الاحتلال عن أبناء غزة وغيرهم من أبناء بلدان فلسطينالمحتلة. فهم لا حول لهم ولا قوة إلاَّ بقوة من عندك يا رب؛ وهم يستغيثون في أواخر ليالي هذا الشهر الكريم الذي لا يرد فيه دعوة.