غزة أشبه بمخيم المهجرين الكبير، الذين غادروا أراضيهم عام 48م وعام 67م، آباؤهم من سكان الخيام ومدارسهم مدارس الأونروا، وُلدوا في المخيمات وعاشوا التشرد والقهر, فهم لا يدافعون عن عزة فقط بل عن بيوتهم في : عكا، يافا، الناصرة، الخضيرة في 48م، ويدافعون عن : نابلس، الخليل، رام الله، جنين في احتلال 67م، الحرب ليست من أجل غزة بل من أجل فلسطين، والقتلى ليسوا من حماس أو الجهاد أو حتى من فتح، القتلى أطفال فلسطين: الأمهات، العائلات، العجزة وكبار السن. والقاتل ليس كما اعتاد عليه العرب المستعمر الأوروبي الذي تعوّد أن يزور المنطقة منذ القرون المبكرة - القرن الخامس الهجري - عبر الحملات الصليبية التي تأتي انتقاماً من هزيمة العرب لهم في القرن الإسلامي الأول، عندما كسرت الدولة الإسلامية الوليدة زمن الخلافة الراشدة الإمبراطورية البيزنطية وأزاحتها عن بلاد الشام لترتد إلى غرب البحر المتوسط، - من يقاتلهم - هم من يهود أوروبا جاؤوا فلسطين بعد أن أحرقتهم أوروبا وهجروهم منها، إسرائيل تقتل الأطفال وهي تعرف جيداً أنها تحارب الجيل القادم، وهذا مبدأ لدى الدولة الإسرائيلية أنها تستهدف الأطفال والشباب لأنها تدرك أنهم جيل الحرب القادم. الصراع القادم بين العرب وإسرائيل وتحديداً الشعب الفلسطيني حرب مختلفة عن حرب 48م حرب العصابات وبقر البطون ودفع الناس على الرحيل وإلى الضفة والقطاع، وليست أيضاً كحرب 67م تقصف المطارات والطائرات الرابضة في ستة أيام فتستسلم فلسطين ومصر وسوريا والأردن،كذلك الحرب القادمة ليست كما هي في 67م في العواصم العربية، الحرب ستكون داخل خريطة فلسطين الكبرى والتاريخية في القدس وتل أبيب واسدود والنقب وديمونا واللد وعكا وحيفا وبيسان وبيت لحم وبير السبع. الربيع العربي كشف عن ثورات مصدرها الطفرة العلمية والتقنية، ولفت الأنظار إلى حروب فلسطين وإسرائيل : حرب صدام حسين عام 2003م ثم حرب المقاومة اللبنانية، حرب غزة 2008 -2012م وأخيراً حرب غزة 2014م، حيث إنها ألغت جميع الحروب التقليدية السابقة لأن الصواريخ أصبحت معادلة لسلاح الجو الذي تتفوق به إسرائيل دائماً، إذن تغيّرت موازين الحرب.. جيل فلسطيني وُلد من المواجهات ومن الربيع العربي الثورة العلمية وأيضاً من الصواريخ التي تصل تل أبيب وديمونا في النقب.