أثبتت السياحة السعودية أنها واحدة من أهم القطاعات ذات النمو السريع والعوائد الاقتصادية والاستثمارية المرتفعة، حيث أسهم تعميق مفهوم صناعة السياحة بين المواطنين في زيادة الإقبال عليها بأعداد هائلة، ولم تعد السياحة فعلاً ترفياً أو خيالاً، بل أصبحت مصدر دخل ورزق.. وأكبر شاهد على ذلك منطقة عسير وأهلها. يُعتبر قطاع السياحة العمود الفقري لاقتصاد منطقة عسير، حيث تشير التوقعات إلى وصول إنفاق السائحين في عام 2015 إلى نحو 7.1 مليار ريال على أساس متوسط معدل النمو في أعداد الرحلات السياحية بنحو 10.8%، وذلك بعد أن بلغ متوسط إجمالي نفقات السائحين السنوية بالمنطقة عام 2009 نحو 4 مليارات ريال بعد أن كان 2.7 مليار ريال عام 2005. ولم تصل أبها ومنطقة عسير إلى تلك الأرقام من فراغ، حيث إنها عملت لتكون رائدة العمل السياحي في المملكة منذ 40 عاما ًوتواصل النمو والتقدم.. وتشتهر بإقامة أضخم وأكبر مهرجان سنوي صيفاً هو مهرجان أبها يجمعنا الذي يضم مئات المهرجانات والفعاليات التي تقام ضمنه في المدينة والمحافظات التابعة للمنطقة.. فيما استحدثت مهرجانات عدة في السنوات الأخيرة لتنشيط السياحة منها مهرجان العسل بمحافظة رجال ألمع ومهرجان البادية في محافظة بيشة وقريباً التمور ومهرجان البر والأسر المنتجة في بلسمر.. بخلاف المهرجانات الشتوية. وكانت المنطقة قد شهدت رفع ميزانيتها لنحو 4 مليارات فيما يخص الأمانة والبلديات وينتظر أن يعتمد رفعها لتنفيذ مبادرة عسير وجهة سياحية مستدامة التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير وسط مباركة ودعم من رئيس الهيئة العليا للسياحة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان للسياحة، وذلك لرفع مستوى البنى التحتية. وقد توالت العديد من البشائر في هذا الجانب منها مشروعا وسط وحلم أبها، وتم الانتهاء من تسليمهما لجهات التخطيط، وكذلك الترخيص ل 6 فنادق عالية المستوى، والعمل على شبكة طرق تبلغ 50 كيلو متراً داخل المدينة، فيما تتضمن المبادرة العديد من المشروعات التي تمهد لوضع عسير في صدارة الواجهات السياحية. وقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أمير منطقة عسير أهمية أن تكون المنطقة في المكان الذي تستحقه سياحياً؛ وأن مبادرة استدامة السياحة هو وسيلة حقيقية من أجل الوصول لهذا الهدف، وتضمنت المبادرة بحسب العرض ثلاث خطط لتنفيذ المبادرة وهي الخطة الآنية للمبادرة 2014 م والخطة المتوسطة 2015 م والخطة طويلة الأجل ما بعد 2015 م. وكان تقرير إحصائي صادر عن مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار صدر عام 2012 أظهر أن منطقة عسير استقبلت خلال الفترة من 2004م حتى عام 2012م قرابة (21.5) مليون رحلة سياحية داخلية. وأوضح التقرير أن السياح المحليين في منطقة عسير أنفقوا (27) مليار ريال تقريباً خلال الفترة من 2004م وحتى نهاية العام الماضي.. بينما بلغ عدد المهرجانات التي تم تغطيتها إحصائياً (6) مهرجانات خلال ذات الفترة، حيث قدر العدد الإجمالي لحضور هذه المهرجانات ما مجموعه (9.1) مليون زائر، يمثّل السياح منهم نسبة (39.4%) من الإجمالي، أنفقوا ما مجموعه (5.7) مليار ريال. ويشير التقرير إلى أن عدد العاملين في قطاع السياحة بمنطقة عسير قد ارتفع من (13) ألف عامل في عام 2004م إلى (36) ألف عامل عام 2012م. هذا وتُعتبر منطقة عسير من أكثر مناطق المملكة ريادة وغنى وتنوعاً بمواقع الجذب السياحي، بسبب تميزها التضاريسي، وثرائها النباتي والحيواني، وساحلها البحري الممتد الذي يتمتع بإمكانيات بيئية وطبيعية بكر متنوعة يمكن استغلالها في التنمية السياحية والعمرانية المتميزة، إضافة إلى الرياضات المائية خصوصاً «الغوص»، لذلك تتكاتف الجهود بالمنطقة وعلى رأسها الجهد المتميز الذي تبذله إمارة عسير في سبيل دفع ودعم مشروعات تهدف إلى زيادة العرض السياحي، وتكون رائدة بحيث يترتب على إقامتها توفير مزيد من الفرص الاستثمارية السياحية، وفي هذا الصدد فهناك مشروعات سياحية كبرى تعمل على زيادة الجذب السياحي للمنطقة في إطار الخطة الإستراتيجية السياحية لعسير وذلك بالتعاون مع الهيئة العليا للسياحة، هذا فضلاً عن برنامج «تخصيص» المشروعات السياحية الحكومية بالمنطقة مثل «فندق إنتركونتيننتال، والمنتزهات الوطنية». ومن الأرقام المحفزة في صناعة السياحة بمنطقة عسير عدد الشباب الذين يتم توظيفهم في كل موسم سياحي ما بين 800 - 1000 شاب وفتاة، فيما أن الشركة الوطنية للسياحة «سياحة» كانت قد بدأت العمل في المنطقة برأسمال 107 ملايين ريال، فيما تقدر أصول الشركة حالياً وفق تقييم وزارة التجارة بأكثر من مليار ريال سعودي، فيما تمتلك الشركة عدداً من المشروعات السياحية بالمنطقة في مقدمتها العربات المعلقة «التلفريك»، حيث كلف هذا المشروع الشركة قرابة 500 مليون ريال سعودي. هذا ويوجد بالمنطقة أكثر من 1000 منشأة إيواء تتأهب لاستقبال زوار المنطقة خلال موسم صيف هذا العام، منها 37 فندقاً تتراوح من 2 إلى 5 نجوم، فضلاً عن الوحدات السكنية المفروشة، فيما صدرت موافقة الهيئة العامة للسياحة والآثار على الترخيص ل 6 مشاريع فندقية في منطقة عسير، وتتوزع ما بين 4 فنادق ذات 5 و 4 نجوم وأجنحة فندقية ومنتجع فندقي، ومن المتوقع الانتهاء من إنشائها خلال العامين القادمين، ويأتي ذلك ضمن الجهود المبذولة لإنجاح مبادرة «عسير.. وجهة سياحية رئيسية على مدار العام». وكان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان قد ألمح قبل شهرين إلى إمكانية ارتفاع حجم عدد الرحلات السياحية المحلية خلال هذا الصيف، حيث تشير دراسات مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) التابع للهيئة إلى نمو الرحلات السياحية المحلية بنسبة (6.0%) خلال فترة الصيف هذا العام مقارنة بصيف العام الماضي، وذلك نتيجة للجهود التي تبذلها الهيئة وشركاؤها في مجالس التنمية السياحية بالمناطق للترويج والتسويق للسياحة الداخلية، مبيناً أنه من المتوقع أن تصل الرحلات المحلية خلال الصيف إلى (5.8) مليون رحلة سياحية مقابل (5.5) مليون رحلة في صيف العام الماضي، في حين أنه من المتوقع أن يصل عدد الرحلات السياحية الوافدة خلال الصيف (3.1) مليون رحلة مقابل (3.0) ملايين رحلة في صيف العام الماضي، بنسبة نمو (5.6%). وأضاف بأن البيانات التقديرية الأولية تشير إلى أن مصروفات الرحلات السياحية المحلية لصيف هذا العام ستبلغ (6.2) مليار ريال، مقابل دخل متحقق في صيف العام الماضي بلغ (5.0) مليارات ريال بنسبة نمو (23.9%). وأشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى أنه من المتوقع أن توفر مهرجانات الصيف لهذا العام والبالغة 45 مهرجاناً أكثر من 5000 فرصة عمل مؤقتة للمواطنين، وتستقطب أكثر من 10 ملايين زائر، ويتوقع أن تحقق عوائد اقتصادية تتجاوز 10 مليارات ريال. وأكد أن الهيئة تولي اهتماماً لدعم المهرجانات السياحية من خلال برنامج دعم الفعاليات، وأن هذا البرنامج أثمر في تحقيق أكثر من 50 ألف فرصة عمل مؤقتة في المهرجانات التي أقيمت منذ عام 2005م وحتى الآن، فيما تجاوز عدد المهرجانات التي تم تنظيمها برعاية الهيئة 500 مهرجان من عام 2005م إلى الآن.