الكتاب هو حياة المتعلم ونبض أفكاره وروحه وعصارة تجارب العلماء والأدباء والمفكرين ونبضات قلب الشاعر والمورد العذب للأستاذ والطالب وكل مثقف واع حر الفكر وللأسف حكايات وعجائب مع الكتاب، فكلنا يعرف شغف الجاحظ بالكتاب حتى كانت منيته بسبب الكتاب وأبو علي القالي يملك نسخة من كتاب الجمهرة لابن دريد كان يعجب بها كثيراً فلما افتقر وجاع عياله باعها بخمسين قطعة من الذهب ولكنه قبل أن يسلمها إلى المشتري كتب عليها أبياتاً منها: نعمت بها عشرين عاماً وبعتها وقد طال وجدي بعدها وحنيني وما كان ظني أني سأبيعها ولو خلَّدتني في السجون ديوني ولكن لعجز وافتقار وصبية صغار عليهم تسهل شؤوني إلى آخر ما قال: وكان المشتري ميسور الحال وذا إحساس مرهف، فلما قرأ تلك الأبيات أعادها إلى الرجل مصحوبة بمثل ثمنها من الذهب، وحينما هجا نفطويه ابن دريد لم يستطع ذم الكتاب بل زعم أنه كتاب العين، وقد كان يثير حب الرجل للكتاب شيئاً من غيرة المرأة، يقال إن رجلاً كان مقبلاً على كتاب العين محباً له، يقضي معه جل وقته وفي يوم عاد من المسجد ووجد بيته غارقاً في الدخان فأسرع وهو يصيح ما الخبر؟ فتلقته زوجته وهي تقول لا شيء اطمئن ما هو إلا ضرتي أحرقتها، فصاح ما هي، قالت كتاب العين، فثارت ثائرته ورجع إلى المسجد ليطلقها على يد أستاذه الذي خفف من غضبه بقوله أما الكتاب فعندي لك نسخة بدلاً من تلك، تقوم لك بديلاً عن زوجتك، ثم إنك الجاني، ألم تقرأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لأهلك حقاً ولكن قل لي من سوف يزوجك، ومهما قيل أو الكمبيوتر والإنترنت سوف يطوي قيمة الكتاب وسيجعله مبتذلاً وكاسداً فهو قول غير صحيح لأسباب يعرفها المتعاملون مع هذه الوسائل، وأنا لا أفكر فائدتها لأني متأكد من عدم إنهائها عن الكتاب مهما بلغ بها التقدم، لكن هل كتاب جدير بالاقتناء الاحتفاظ؟ ونسأل الله أن يقيل عثرة الكتاب ويبعث من يجدد مكانته ويعيده إلى عرشه ومجده. جل قدر الكتاب يا صح عندي فهو أغلى من الجواهر قدرا ولقد وفق أمير الشعراء أحمد شوقي حين أشاد بمكانة الكتاب، حيث قال: أنا من بدل بالكتب الصحابا لم أجد لي وافياً إلا الكتابا