كثرت المبادرات وتعددت دون أن تجد صدى لها لدى الأحزاب السياسيَّة التي باتت قياداتها تخشى من وجود مناورة سياسيَّة انتخابية استباقية وراء كل مقترح جديد يطرحه هذا الطرف أو ذاك. فبعد مقترح «الرئيس التوافقي» التي قدمتها حركة النهضة وعارضتها الأحزاب الكبيرة على غرار نداء تونس والحزب الجمهوري، واستنكرتها التيارات الصغرى مثل حزب المؤتمر والتكتل ضلعي الترويكا المستقيلة، أعلن الحزب الجمهوري عن مقترح جديد يقضي «بعقد مؤتمر وطني يجمع القوى الوسطية ذات المرجعية الديمقراطية الاجتماعيَّة تهدف أساساً إلى كسر الاستقطاب الثنائي الحادّ القائم بين نداء تونس وحركة النهضة حسب توضيح أبرز قياديي الحزب. ونفى عضو المكتب السياسي الجمهوري أن يكون حزبه يرنو إلى كسب ودّ حركة النهضة من خلال مراودتها لدعم مرشحه المفترض في الانتخابات الرئاسية أحمد نجيب الشابي، معتبرا أنّ المسألة مرتبطة بمبادئ ديمقراطية صرفة لا غير. أما حركة النهضة، وعلى عكس ما يتصوره البعض، فلم تيأس قياداتها من إمكانية إقناع أكبر عدد ممكن من الأحزاب وان كانت صغيرة، بصواب مبادرتها التي تقضي بترشيح شخصيَّة توافقية وحيدة لمنصب رئاسة الجمهورية، حيث صرح زبير الشهودي مدير مكتب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بأن الاتِّصالات بجميع الأحزاب السياسيَّة بمختلف تياراتها تسير على قدم وساق بخصوص مبادرة الحركة. وأفاد الشهودي، بأن جميع من التقت بهم حركة النهضة إلى حد الآن من قادة الأحزاب يتفقون جميعًا في نقطة موحدة متمثلة في الإيمان بمبدأ الحوار سواء كانت آراؤهم مساندة للمقترح أو ضدّه.. وعن تقييمه المبدئي لنسبة الرضا لدى من تشاورت معهم حركة النهضة إلى حد اللحظة، فضل الشهودي عدم تقديم أيّ أرقام في الوقت الحاضر في انتظار الإعلان عن النتيجة النهائية للمفاوضات نهاية الأسبوع الجاري. وفي المقابل، لم يخف القيادي بحركة النهضة ووزير الصحة السابق عبد اللطيف المكّي أن الحزب أجرى اتِّصالات مع 16 طرفًا سياسيًّا بخصوص مبادرة الرئيس التوافقي. و ازدادت مخاوف جميع الأطراف الفاعلة في الساحة السياسيَّة وصلب المجتمع الأهلي حيث يخشى من تسجيل نسبة لا تتعدى نصف الحجم الجملي للناخبين، بما يؤكد صدقية نتائج سبر الآراء التي افضت إلى أن أكثر من 60 بالمئة من التونسيين لا يعلمون لمن سيصوتون أو حتَّى لا يعرفون أن كانوا سيشاركون في عمليات الإقتراع أصلاً. أمنيًّا لم تمر الأيام الأولى من الشهر الكريم دون أن تسجل سقوط ضحية أخرى من ضحايا العناصر الإرهابيَّة المتحصنة بجبال محافظة القصرين حيث قصف الإرهاب حياة شاب كان بصدد رعي اغنامه عندما انفجر من تحته لغم زرعته الجماعات المسلحة في طريق الدوريات المشتركة من الجيش والأمن التي كانت تنشط في ملاحقتها عبر المسالك الوعرة وتسعى الى كشف مخابئها للقضاء عليها. وأشارت مصادر إعلاميَّة إلى أن المجموعة الإرهابيَّة المتحصنة بالجبال الواقعة في الشمال التونسي وتحديدا بين فرنانة وعين دراهم- التي قتل اثنان من عناصرها وألقي القبض على آخر وهو الإرهابي وائل البوسعيدي في كمين نهاية الأسبوع الفارط الذي يتردَّد أنَّه الصندوق الأسود لإرهابيي المناطق الجبلية بمحافظات جندوبة والكاف والقصرين - وتتواصل مهمة تعقبها، خططت وفق ما يتردَّد لارتكاب عملية إرهابية على الطريق الرابطة بين عين دراهم وطبرقة، من خلال استهداف حافلة نقل عمومي تعمل على هذا الخط وتقل عادة عسكريين وأمنيين يعملون بطبرقة إضافة إلى عدد قليل من المواطنين، وهو ما يؤكد أن الإرهابيين لا هدف لهم إلى اليوم سوى رجال الأمن والجيش الذين يعدّونهم»طاغوتا» وجب تصفيته.