الأرقام أن السينما أقرب لا نقول للانهيار بل ربما في طريقها للتَقَلَّص والتَشَمَّر مثلها مثل وضع المسرح في الوقت الحالي الذي لا يجد جمهوره إلا في المدن الكبرى والأحياء ذات الصِبغة الارستقراطية. من ضمن أهم المؤشرات التي تدعم التوقعات حول فترة نهضة قادمة واعدة للمسلسلات هي دخول المواقع العملاقة في شبكة الإنترنت والاستثمار في إنتاج العديد من المسلسلات التي اكتسبت شعبية هائلة هذا العام في مواقع التواصل الاجتماعي أكثر مما صنعته الأفلام السينمائية هذا العام، وأبرز مثال على ذلك المسلسل السياسي المثير للنقاش هذا العام «House of Cards»، مع المسلسل الخَلاَّق «True Detective» والذي أعاد شبكة HBO إلى الواجهة بعد تفاوت في السنوات الأخيرة. معرفة اهتمام الجمهور خصوصا الجيل الشاب يجعلنا نتكهن بسهولة حول كيف سيتحول الجمهور من المشاهدة الجماعية من خلال صالات السينما إلى مشاهدة فردية من خلال أجهزة الهواتف الذكية التي بدأت الشركات الكبرى تعمل على تطوير «بروجيكتر» في نفس الهاتف الذكي يمكنه عرض مواد سينمائية بجودة Blu-ray العالية والمتقدمة ما يجعل المشاهد كأنه في صالة السينما، بل هناك اليوم بعض شركات الهواتف الذكية التي عملت على إصدار بعض الهواتف التي تمكن المستخدمين من ميزة مشاهدة الأفلام عن طريق «البروجكتر». هذه الخطوة ستجعل العديد من مستخدمي الهواتف النقالة يشاهدون الأفلام في منازلهم بأقل كلفة ممكنة، وتوفير الوقت والمال للذهاب لصالة السينما وبالتالي حتماً ستخسر دور السينما في دول غرب أووربا وآسيا وأمريكا الشمالية نسبة كبيرة من المستهلكين خصوصا الشباب منهم. الخطوة ينقصها نظام صوتي والذي تملكه دور السينما، كما أنه من شبه المستحيل إيجاد مساحة في منزل من الطبقة المتوسطة تقاربه مساحة شاشة الآي ماكس الضخمة والتي تمكن الجمهور من مشاهدة تفاصيل دقيقة يعجز البروجكتر التقليدي المنزل المنخفض التكلفة في إبرازها. قد أكون متشائماً، وقد يرى بعضهم أن تحليلاً مثل هذا تنقصه الواقعية بحكم أن تجربة مشاهدة الأفلام الجماعية في صالات العرض هي فعل اجتماعي ونشاط ترفيهي يحتاجه الكثير من المستهلكين للاسترخاء والاستمتاع، وبالتالي لن تخسر السينما جمهورها مهما تقدمت الإمكانات التقنية الفردية البديلة. صحيح من الممكن ألا تخسر لا على المستوى القريب أو على المستوى البعيد ولكن يجب أن نقيس تجربة السينما التي دامت أكثر من مائة عام بتجربة الأساليب الترفيهية الأخرى، فالمسرح لم يصمد أمام الراديو، والذي تقهقر مع بداية التلفاز،