فضيلة الشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء قال كلاماً مهماً أتمنى أن يسمعه كل طالب سعودي في ديار الابتعاث أو مَنْ هو بصدد الالتحاق ببعثة دراسية إلى الخارج. فقد جاء في جريدة الاقتصادية أن فضيلته دعا «الطلاب المبتعثين في الخارج إلى مراعاة عادات وتقاليد الدول التي ابتعثوا إليها، مؤكّداً أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له آداب وضوابط يجب التقيد بها». وابتداءً، يجب أن يتذكّر الطالب السعودي الذي يدرس في الخارج أن ثقافات الشعوب وعاداتها وتقاليدها في بقاع الأرض مختلفة إلى حد التناقض التام في بعض الأحيان، وأن كل شعب فخورٌ بعاداته وتقاليده وقد لا يتوقّع من الآخرين الاقتناع بعقلانيتها ومنطقيتها ولكنه يتوقّع منهم احترامها طالما أنه مقيم بين ظهراني ذلك الشعب. كما يجب أن يتذكّر الطالب السعودي المبتعث أنه قد جاء إلى بلد الابتعاث بكامل رغبته وبمحض اختياره ولم يجبره أحدٌ على ذلك، وأنه جاء إلى بلدٍ ربما تكون عاداتها وتقاليدها وديانتها تختلف جذرياً عمَّا هو موجود في بلادنا، ومن ثم فإن عليه أن يحدد لنفسه هل يسافر في بعثة إلى ذلك البلد أم يبقى في المملكة ويدرس في جامعاتها وكلياتها سعيداً مرتاحاً إذا كان لا يستطيع أن يتحمّل العيش بين قوم لا تعجبه عاداتهم وديانتهم وتقاليدهم. إن واجب الدعوة إلى الإسلام لا يعني أن يتصادم المسلم مع الآخرين، وخاصة إذا كان مقيماً في ديارهم! فهو حين يتصادم معهم يكون سلوكه منفراً ولن يستطيع كسبهم، بل قد يجعلهم يتحولون أعداء. وعلى سبيل المثال، فإن المرحوم الدكتور عبدالرحمن السميط مارس الدعوة في إفريقيا بفاعلية عالية من خلال سلوكه المثالي الذي جذب الملايين في إفريقيا! وقد عاش بين الوثنيين والمسيحيين وتعاون معهم وقدَّم لهم المساعدات واحترم عاداتهم وتقاليدهم ولم يتصادم معهم فبهرهم بسلوكه الإنساني الجميل ودخلوا في دين الله أفواجا. ومن الأمثلة التاريخية الناجحة ما فعله التجار الحضارم الذين نشروا الإسلام في إندونيسيا وما جاورها، فقد نجحوا لأنهم كانوا قدوة في السلوك القويم، واعتنقت معظم شعوب الجزر الإندونيسية الدين الإسلامي عن اقتناع ورغبة وليس عن طريق العنف والاستعلاء. وقد أصبحت اليوم إندونيسيا هي الدولة الأكبر في العالم من حيث تعداد المسلمين. أتمنى أن يكون طلابنا في ديار الابتعاث مثالاً للسلوك المتحضّر القويم المستمد من الدين الإسلامي وأن يتذكّروا أنهم يعيشون في عالم متعدد الثقافات والأديان والتوجهات وأن هدفهم الرئيس من الذهاب في بعثة دراسية هو التعلّم واكتساب المعرفة، خاصة أن هناك من يتصيّد الأخطاء في هذا الزمن الذي انحدرت في سمعة المسلمين - بكل أسف- إلى ما نرى.