يشكك كثيرون في نظرية «المؤامرة» التي تحاك الآن ضد الأمة العربية والإسلامية؛ ولكن لأن الأمة الإسلامية تكاد تكون ضائعة وليس لها وجود حقيقي ملموس في هيئة دول قوية ذات نفوذ؛ وقد قضى الغرب على الرابطة الإسلامية منذ عام 1916م باتفاقية سايكس - بيكو تابع المستعمر الغربي القديم مخططه ولم يغفل عنه ويعاود استكماله بين وقت وآخر بإضافة خطوة جديدة أو مقاومة تيار عروبي أو إسلامي جديد واستقطاب شخصيات ودولا لتنفيذ أجندته القائمة على ألا يقوم للعرب ولا للمسلمين قائمة، وهو اتفاق مجمع عليه بين الغربيين قاطبة من هولندا الأضعف مرورا بأسبانيا إلى بريطانيا عرابة التفكيك إلى فرنسا إلى إيطاليا ثم إلى سيدة العالم اليوم أمريكا وريثة القيادة من العجوز البريطانية! اتفق الغرب والشرق، وأقول «الشرق» لأننا نرى روسيا تمارس دورها الذي اتفقت عليه مع الغرب في سوريا بكل الوضوح والجلاء؛ بل بكل العهر والفجور! اتفقوا على أن يبقى العرب والمسلمون أتباعا لا متابَعين - بفتح الباء -مقودين لا قادة، مستعطين لا معطين، مستجدين لا واهبين! وأحداث قرن من الزمان في تاريخ العرب تؤكد حقيقة هذه المؤامرة؛ كغرس اليهود في فلسطين بعد وعد بلفور 1917م أي بعد اتفاقية سايكس وبيكو على إثر إسقاط الخلافة الإسلامية في تركيا مباشرة، وتقسيم الوطن العربي بين الانجليز والفرنسيين والطليان بعد ذلك، وإقامة جامعة الدول العربية بديلا للرابطة الإسلامية، ونكبة 1967م وما صاحبها من خيانات دولية، والموقف الغربي من حرب 1973م، وإنشاء الدولة الخمينية الفارسية المتشحة بالرداء الديني الطائفي لمنحها مشروعية التوسع والامتداد 1979م، والحرب العراقية الإيرانية المفتعلة، ثم الحرب الدولية على العراق بعد خداعه وتوريطه في الكويت لغرض مقصود وهو تدميره لتسليمه إلى الفرس، ثم البدء بتنفيذ «الفوضى الخلاقة» التي أعلنت عنها كوندا ليزا رايس تطبيقا لرؤى المستشار الصهيوني في البيت الأبيض الأمريكي «بتفتيت المفتت» و»تمزيق الممزق» وإعادة تقسيم الخارطة العربية بناء على الإثنيات والأعراق والمذاهب ولن يتم ذلك إلا بالثورة على الأنظمة القائمة تحت حجج المطالبة بالحريات والحقوق للطوائف والأقليات، وهو ما تم عام 2011م باندلاع ما أسماه الغرب ب «الربيع العربي»! وما يحدث الآن في بلادنا من تهييج فكري وسياسي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ليس إلا نتيجة لخطة وعمل طويل ومتابعة من دوائر استخباراتية وسفارات دول تدير هذه العمليات القذرة لخلخلة بنية المجتمع السعودي وتفكيكه وإثارة الشحناء والكراهية بين الشعب والقيادة، وبين الشعب والعلماء، وبين طوائف الشعب نفسه؛ السني مع الشيعي، وابن المدينة مع ابن البادية، والحضري مع القبلي، والسلفي مع الإخواني والليبرالي وبقية التصنيفات، وهكذا تشتعل الأحقاد ويوقد أوار الشحناء بين أبناء المجتمع الواحد؛ تهيئة لإدخاله حين تحين الفرصة في حالة من الانتحار والاحتراب التي تنتهي به إلى الخراب والفناء - كما حدث في بلدان ما سمي بالربيع العربي - لا سمح الله. ويندرج في هذا السياق ما صرح به المتحدث الإعلامي لوزارة الداخلية عن تتبعهم لنصف مليون حساب في تويتر تغرد من خارج المملكة وتنتحل أسماء سعودية من باب الإيهام وتلبس الشخصية السعودية التي تعبر عن وجهات نظر حول القضايا الوطنية ونقد بعض الوزارات أو الشخصيات أو الاتجاهات السياسية للدولة؛ ساعين إلى أن ينطلي هذا الانتحال على متابعي تويتر! والحق أن المتابع الدقيق لجل تلك الحسابات يتأكد له يقينا بأنها غير سعودية وأن وراءها مستأجرون مكلفون من دول وجهات عربية وأجنبية تهدف إلى إثارة الفرقة والشحناء وإحداث الفوضى، ويتبين ذلك جليا من خلال كثير من الكلمات التي لا يستخدمها السعوديون وتنزلق بصورة عفوية لم يستطع المنتحل ضبطها أو تعديلها فتتكشف اللهجة الأصلية التي ينتمي إليها صاحب الحساب؛ كاللهجة العراقية مثلا أو المصرية أو اللبنانية وغيرها.