في زيارتنا كوفد من مجلس الشورى السعودي لبولندا كانت هناك معالم خاصة تبقى في الذاكرة.. قلة منا من زاروا دولة بولندا, أو يعرفونها. تقع جنوب الشرق الدول الإسكندينافية في شمال غرب أوروبا وتطل على بحر البلطيق, عاصمتها وارسو وأكبر موانئها جادانسك. النقل الجوي منها وإليها معقد ولا يمكن الوصول إليها جوا إلا عبر دولة أخرى, كألمانيا أو تركيا ومؤخرا دبي التي افتتحت خطا مباشرا على الخطوط الإماراتية. وبولندا تحاول أن تخرج من هدوء عزلتها لتصافح العالم وتؤكد إصرارها على حماية استقلالها وحريتها. وقد كانت حتى عهد قريب ضمن التحالف الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي. وفيها عقد حلف وارسو الشهير.. وخرجت بعد عقود من إحكام القبضة الحديدية على خناقها, تحاول أن تستعيد قدرة التنفس وتضيء موقعها على الخارطة كما جاراتها الأوروبيات. وهي الآن عضو في الاتحاد الأوروبي. اقتصادها ينمو جيدا.. وتطمح الى المزيد. الشعب البولندي شعب هادئ وراق محافظ ومتدين يتبع المسيحية غالبا المذهب الكاثوليكي, ومعروف أن البابا السابق كان بولنديا. وهناك أيضا كثرة يتبعون المذهب الأرثوذوكسي, وحوالي 7% من غير هاتين الفئتين الرئيسيتين بما في ذلك حوالي 27 ألف مسلم, بعضهم أصولهم من التتار أو من ألبانياوتركيا. ليس فيها عمالة مهاجرة أو مستقدمة. وقد سعدت بالمرور على مسجد وارسو الوحيد ,حيث يصلي أفراد الجالية المسلمة في وارسو. وهو ليس بعيدا عن مقر سفارتنا الحالي. خلال الزيارة المكتظة بالاجتماعات الرسمية ,سعادة سفير المملكة في بولندا الأستاذ وليد بن طاهر رضوان كان معنا جزءا لا يتجزأ من إنجاح نشاطاتنا. واحتفى بزيارتنا النادرة لبولندا احتفاء كبيرا منذ استقبال البداية حتى توديعنا عند الخروج عائدين. فله ولطاقم السفارة الشكر والتقدير. أم وسيم أكرمتنا بدورهاكزوجة سفير بمستوى مميز. وأصرت أن تعرفني بنفسها على معالم وارسو؛ كما أشرفت شخصيا على إعداد الوليمة التي أقامها سعادته في مقرهما.. حيث لن تجد الجريش الخليجي واللذائذ العربية الأخرى في أي مطعم ببولندا المفتقدة للفكر السياحي. وأضافت نكهة جميلة بدعوة بعض زوجات منسوبي السفارة, وشاباتنا المبتعثات لدراسة الطب.. فكانت فرصة طيبة للتعرف عليهن والاطمئنان على أوضاعهن في الغربة وانطباعاتهن عن البلد خاصة كموقع للابتعاث العلمي والتخصصي. اللغة البولندية تنتمي للغات السلافية وليست قريبة من أي لغة نعرفها محليا.. ولكن الدراسة لمبتعثينا تتم باللغة الإنجليزية. بولندا متميزة في مجال التعليم الطبي والهندسي وفي تقديم الخدمات الصحية. وهناك ضمن برنامج الابتعاث حوالي 900 طالب وطالبة سعوديين منتظمين في الدراسة بمؤسساتها العلمية والتقنية في مجالات التدريب الهندسي والتخصصات الصحية. وفقهم الله ليتخرجوا ويعودوا لإثراء الخدمات الصحية. وبهذه المناسبة أهنئ كل المتخرجين والمتخرجات في الوطن ومواقع الابتعاث حول العالم وأبارك لذويهم بفرحة التخرج. وفقهم الله جميعا.