خلال الأسبوع الماضي قام معالي رئيس مجلس الشورى السعودي الشيخ عبد الله بن إبراهيم آل الشيخ بالاستجابة لدعوة من حكومة بولندا، لزيارتها رسميًّا، مصطحبًا وفدًا من ثلاثة من الأعضاء. وسعدت بأن أكون أحدهم. وكانت تجربة مثرية جدًا في الحوار؛ حيث تم خلال الزيارة الالتقاء بالمسؤولين في قمة هرم صنع القرار، وتبادل الرأي حول الأوضاع القائمة والطموحات وأوجه التعاون المشتركة والممكنة. بعد الترحيب الرسمي بدأ الحوار متناولاً المشترك على كلّ الجبهات المهمة للجانبين. أطلعهم معالي الرئيس مباشرة على الأوضاع القائمة والطموحات المستقبلية على كلّ الجبهات المهمة للجانبين، بدئًا بمرئيات القيادة الرائدة التي أخذت زمام المبادرة بترسيخ مبادئ إيجابيَّة رئيسة: 1- مبدأ الحوار البناء بين كل الفئات في الوطن وخارج الوطن وعبر اللغات والديانات. و2- مبدأ التركيز على الاهتمام بترسيخ الاستقرار في الساحة العالميَّة سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا. و3- ريادة التطوّر المجتمعي المقنن بترشيد التَّعليم، وتمكين المرأة وإتاحة فرص المساهمة لها للمشاركة في البناء والعطاء. وكان من أول ثمار هذه الريادة فتح بوابات مشاركة المرأة كقياديّة في صنع القرار الأعلى. وفي بولندا كما في غيرها من الدول للمرأة حضور في مجلسي الشيوخ والنوَّاب، بل إن رئيسة مجلس النوَّاب في بولندا سيدة مميّزة علميًّا، فهي أيْضًا طبيبة متخصصة. ومع هذا فكون نسبة السيدات في الشورى السعودي 20 في المئة تتفوق على غيره من المجالس وتحظى بالإعجاب والتقدير. من جانبهم قد أقول: إن أهم معالم الزيارة التي لن أنساها كان امتنانهم الواضح لمكرمة خادم الحرمين الشريفين والأمر السامي الذي مكَّن فريق المتخصصين السعوديين من فصل التوأم البولنديين بنجاح تام. كرَّروا شكرهم له ولنا عدّة مرات. وأثاروا فينا مشاعر الاعتزاز والفخر بدورنا العالمي. وقد شاركت في وفود كثيرة إلى القارات الخمس ولسنوات ممتدة في مجالات مُتعدِّدة، وأجد هذه الزيارة تتميّز بالاحترام الصادق وبوضوح ونقاء جو المحادثات وروح الثقة والرغبة الصادقة في التفاهم والوصول إلى نتائج مفيدة للجانبين. ولعل أهم أجواء الزيارة بالنسبة لي شخصيًّا معايشة معالي رئيس المجلس في حواره مع المسؤولين حيث أضافت الكثير لتجربتي؛ وحرفيته الصادقة في بث روح التضافر الجمعي في الفريق، ونسج جوانب القوة بين أعضاء الوفد ظلّلتنا بطقس دافئ من الثقة والعمل كفريق متساند. وسأعود إليكم ببعض انطباعاتي عن معالم هذه الزيارة، واتناول مصافحات الودِّ بين المملكة وبولندا في حوار قادم.