إن الارتفاع الملحوظ لحجم سوق العقار في المملكة، يبرز سؤالاً جوهرياً، هو: لماذا لا تكون هناك صناعة عقارية في المملكة ؟ بمعنى تحويل النشاط العقاري من تجارة إلى صناعة. وقبل الخوض في كيفية إحداث هذا التحول نقول إن الصناعة العقارية منطلق للتنمية المستدامة أولاً التنمية المكانية (العقارية) من إعمار وتخطيط للأرض, والتنمية الاقتصادية المتمثلة في تخصيص للأرض لخدمة الأنشطة الاقتصادية على اختلافها , والتنمية الاجتماعية (الثقافية) من سلوكيات وممارسات سلوكية واجتماعية، كما أن العقار احد مكونات الناتج القومي (وإن لم يندرج في قوائم الموازنة الوطنية) إنها منتجات تباع وتشترى ومنتجات معمرة ومنتجات يمكن تصديرها (بإجراءات خاصة) بالرغم من خاصية الثبات، إضافة إلى أن حجم الاستثمار في السوق العقاري السعودي يجعله حقلاً استثمارياً مهماً. إن إيجاد صناعة عقارية بمعناها الصحيح في المملكة يتطلب جهداً هادفاً يتوسل إلى تحقيق غاياته عبر خطوات محددة ومدروسة بعناية؛ تبدأ بزيادة التنوع والكمية في المنتجات العقارية على اختلافها السكنية والتجارية والإدارية والصناعية والزراعية، وتحسين نوعيتها وجودتها، إلى جانب توفير وتطوير التشريعات والضمانات القانونية لوثائق التملك والحيازة، وإجراءات التبادلات التجارية على المنتجات العقارية، والتوثيق والملكية، وإيجاد آلية ترخيص للمساهمات العقارية للمساعدة في تطوير هذه الصناعة والرقابة عليها،وتطوير البيئة التنظيمية والقانونية ووضع تشريعات مرنة وآليات جديدة للتمويل والاستثمار في المجال العقاري. وتبرز أهمية إشاعة ثقافة صناعة العقار، والارتقاء بها عبر رفع كفاءة وتأهيل العاملين، وإنشاء أقسام عقارية في الجامعات الحكومية والأهلية كالتمويل العقاري والرهن والتسويق والدراسات. وتعد صناعة العقار من المؤشرات الاقتصادية لكل دولة يقاس بها تطورها وازدهارها، لكن تكمن صعوبتها في أن الصناعات غير الملموسة هي أصعب وأضخم الصناعات وتحتاج إلى مجهود ووقت أطول ومهارة عالية في صياغة الفكرة، ورسم الخطة والصناعة العقارية هي أضخم الصناعات التي تقدم إفادة لصاحبها ومستهلكها ومسوقها أي تخدم كافة المجتمع وتجعل الأمر منظما ودقيقا لذا فأنها أشبه باختراع صناعي جديد.