في عام 1961م عندما أصبح (وور رينبا) البالغ من العمر 33 عاماً رئيساً لبلدية قرية هوانكسي الواقعة شرق الصين والتي لا تتجاوز مساحتها واحد كيلو متر، نظر إلى سكان قريته ودخلهم اليومي الضعيف، فقرر النهوض بقريته من الفقر إلى الغنى، فاجتمع بسكانها والذين لا يتجاوز عددهم آن ذاك 2000 شخص والمعتمدين في دخلهم على الزراعة فقط، فعرض عليهم خطته لتطوير القرية وأقنعهم بضرورة تغيير مدخولاتهم وتنويع مصادر الدخل للقرية من مجالات عدة أخرى غير الزراعة والمجازفة معه يداً بيد لنهضة قريتهم، ووعدهم بتمكينهم من العمل في المصانع التي سينشئها بالإضافة إلى منحهم نصيباً من الأسهم وأرباحاً سنوية وشهرية. واستطاع هذا الرجل المحنك إقناع أهل القرية والانطلاق بمغامرة جريئة وخطة مدروسة لإقامة شركة ضخمة تضم تحتها مصانع عديدة تنوعت بين (الحديد والنسيج والكهرباء ومواد البناء والمواد الكيميائية)، وبالفعل اتحد القرويون رغم خوفهم من عدم النجاح وبدأوا بالعمل تحت إدارة هذا الرجل، ورغم الصعوبات والعقبات التي واجهتهم إلا أنهم استطاعوا النجاح في فترة وجيزة، ونهضوا بقريتهم وجعلوا منها قرية تعُج بالمصانع والمنتجات، تصدر منتجاتها إلى40 دولة حول العالم. بعد تحسن اقتصاد القرية انضم إليها سكان القرى المجاورة فأصبحت اليوم تضم أكثر من 35 ألف شخص، وامتدت أطرافها وتوسعت، ويبلغ دخل الفرد فيها قرابة (12150 دولار) ويعتبر هذا المبلغ كبير في الصين وكل شخص في هذه القرية يملك مسكناً خاصاً وسيارة ويحصلون على رعاية طبية وتعليم مجاني، كما أنهم يحصلون على خمس عائدات شركة القرية الاستثمارية، وتعتبر الشركة الآن واحدة من أقوى شركات السوق المالي في الصين وأغناها، حتى أنها استطاعت بناء ناطحة سحاب في القرية، ويتوافد على القرية سنوياً العديد من السياح للاستفادة من تجربتها وكيف استطاعت أن تنهض باقتصادها. استمر (وور رينبا) بإدارة مصانع القرية لأكثر من 5 عقود قبل أن يتجاوز الثمانين ويتولى أحد أبنائه هذا المنصب ليكمل طريق النجاح من بعده. يقول مؤسس هذه النهضة الاقتصادية العظيمة وور رينبا: (إنه يتبع أربع قواعد في الحياة، وهي: عدم الفخر عند المديح، وعدم الغضب عند النقد، وعدم الإحباط في الأوقات الصعبة، وطالما أنه حي لن يتوقف عن خدمة شعبه). إن الطريق إلى القمة ليس بالسهولة التي نريد وليس بالصعوبة التي نتصور، وإن تكاتف الأيادي والعمل الجماعي المُخلص يقود إلى النجاح. لقد حققت هذه القرية الصغيرة ما لم تحققه العديد من الدول بالإخلاص والصبر والكفاح والأمانة. إلى اللقاء.