فاصلة: (يبقى لدى كل شخص قوة كافية للقيام بما هو مقتنع به) - حكمة ألمانية- وراء كل سلوك فكرة يعقبها شعور هذه قاعدة علمية في العلاج السلوكي المعرفي ويؤمن بها خبراء التطوير الذاتي إلا أننا في حياتنا لا نلقي لها بالاً. نحن لا نراقب أفكارنا ولا نكتبها ولا نهتم بها سواء كانت إيجابية أو سلبية والغالب أنها سلبية نتيجة البرمجة التي تلقيناها منذ الصغر عن طريق الأسر والمدارس. لو اهتممنا بتعديل السلوك عن طريق التحكم بالأفكار لاستطعنا تنفيذ برامج تدريبية في المدارس والجامعات ومركز الحوار الوطني وكثير من المؤسسات التي تعمل للوعي والتنوير. في السجون مثلاً يمكن أن يكون برنامج لتعديل الأفكار والقناعات أفضل من البرامج الوعظية والإرشادية. المنحرف الذي خالف القانون لن ينفعه النصح والإرشاد ما لم يغيّر أفكاره السلبية تجاه نفسه والمجتمع والتي هي غالباً قناعات أي أفكار غير قابلة للتغيير بسهولة لأنها جعلته يمارس الانحراف ويخالف القانون دون إدراك للعواقب. المبررات التي يطلقها هذا المنحرف هي أفكار مهما كانت درجة قناعته بها فهي قابلة للتعديل عبر برامج نفسية وتنمية ذاتية متطورة وليست تقليدية. الإرهابيون على سبيل المثال وراء سلوكهم قناعات تبرر هذا السلوك فهو يفجر نفسه لاعتقاده بأن هذا هو الحل. هذا المعتقد إن لم يتغيّر لن يستطيع السجن مثلاً أن يردعه عن التفجير. لذا أرجو أن تكون برامج المناصحة ابتعدت عن الأسلوب الوعظي واقتربت من أسلوب تعديل السلوك المتطور عبر تقنيات حديثة تغيّر من أفكار الإنسان السلبية بتوعيته بآثارها. على المستوى البسيط لو كل سلوك أزعجك من الآخرين بحثت عن الفكرة التي أنتجته سيخفف هذا الوعي الشعور بالضيق، أما في تطويرك لذاتك فمن المهم أن تراقب أفكارك فهي مفتاح لتغيير سلوكياتك العادات المزعجة التي تريد تغييرها لن تتغير ما لم تغير أفكارك وقيمك تجاهها. كم منا من اقتطع من وقته جزءاً ليتعرّف على قناعاته تجاه نفسه، الأسرة، الحب، الزواج، العمل، الأطفال، الأصدقاء، الأقارب وكثير من القيم حولنا؟ ستفاجأ إذا تعرفت على قيمك وقناعاتك وأفكارك، ستجد إجابات كثيرة لسلوكيات لم تكن يوماً تفهمها.