هذا هو عنوان للعديد من الإعلانات في صحفنا المحلية نراه بين وقت وآخر يعلن فيه أحد أبناء المتوفين عن إبراء ذمة والده، ويطلب كل من له أو عليه حق للمتوفى الاتصال برقم (.........)، وهذه الإعلانات بقدر ما فيها من الحرص على إبراء ذمة المتوفى والبر فيه، إلا أنها تؤكد أن هناك خطأً وقع فيه المتوفَّى، هذا الخلل يكمن في أن المتوفَّى لم يسجل ما له وما عليه في حياته، وكأنه معمر لن يموت، بل إن البعض من الناس - وهو على فراش الموت لم يسجل ما له وما عليه، ولم يكتب وصيته تهاوناً منه، ثم إذا حلت المنية اختلط الحابل بالنابل ليس مع الآخرين فحسب، بل حتى بين الورثة، فيتنازع الإخوة والأخوات على ما ورثوه من أبيهم، وإن كان ديناً عليه تهربوا منه جميعاً إلا من رحم ربي!! ومن الأمور السلبية والعادات السيئة لدى البعض السرية الكبيرة المبالغ فيها، فترى من يمارس هذا السلوك مع جميع أهله، فلا الزوجة ولا الأبناء يعلمون ما لدى أبيهم وما له وما عليه، لأن الأب فضّل الكتمان والسرية التامة في حياته، فلا أحد يعلم ما عنده وما يملك وما في حسابه، وعدم الوضوح والإيضاح للأهل يوقع الورثة في إشكالات كبيرة عقب موته ليس إبراء ذمة فحسب، بل يتعدى ذلك إلى ضياع حقوقه وحقوق ذويه بعد وفاته، والأدهى والأمر أن من هؤلاء من يكون له شراكات عائلية، ولا يبين ذلك لذويه، ولا يكتب ما بينه وبين الناس من علاقات تجارية مع الغير، ويخالف ما أمر الله به - عز وجل - من كتابة العقود وتوثيقها والديون وأصحابها. ولقد سمعت من عدد من القضاة عن ما يحدث بين العوائل والأسرة الواحدة من مشاكل وخلافات كان الجزء الرئيس والأساس لهذه المشكلة أن صاحب الشأن الأول لم يدوّن، ولم يوثق، ولم يسجل، وإن دوّن ووثّق وسجل فهو لم يطلع أحداً، ولم يخبره على ما لديه، ثم تحدث الآثار السلبية لهذا التكتم بمشاكل لا حصر لها لا تقف عند أبواب المحاكم، بل تمتد لخلافات أسرية طويلة تمتد لسنوات، وقد يحصل فيها من التطاول باللسان والبنان بما لا يحمد عقباه، وكم سمعنا عن اختلاف الإخوة فيما بينهم وأبناء العمومة لوجود شراكات غير معلومة وغير مقيدة!! هذا على المجال الفردي، ويعظم الأمر في الشراكات العائلية الغامضة، وتهديدها للعلاقات الأسرية فربما عمل الابن مع والده عقوداً من الزمن دونما وضوح بما له وما عليه وحين الوفاة يطالب بنصيبه كشريك لا كوريث، وربما كانت الممتلكات والعقود باسم أحد الشركاء دون الشريك أو الشركاء الآخرين ودونما توثيق بين الأطراف، فإذا ما حدثت الوفاة لمن وثق باسمه العقود والعقارات والممتلكات كانت الطامة الكبرى للشريك أو للشركاء ولينشب الخلاف والدعاوى والمطالبات وتفسد العلاقات، وتمتد المنازعات لأصحاب القضية وغيرهم. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (282) سورة البقرة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) رواه البخاري ومسلم.