نلاحظ في السنوات الأخيرة أن الكثير من الكتاب في الصحف المحلية والعربية يقومون بجمع ما كتبوه في هذه الصحف وجعله في كتاب وتقديمه للقارئ مرة أخرى، وهذا لايستسيغه القارئ الذي يبحث عن الجديد بعيداً عن التكرار، وبالمقابل هناك صنف من الكتاب يقومون بالتأليف فقط فتجد مؤلفاتهم حاضرة ومتنوعة ومتجددة، وإن طبعت مرة أخرى تجد فيها معلومات جديدة وتدارك بعض الأخطاء والملاحظات، هؤلاء يجدون القبول من القارئ أكثر لأن المشاهد الآن في الساحة الثقافية ولاسيما في صفوف الكتاب لا جديد عندهم يبحثون عما كتبوه ويعيدون طباعته على شكل كتاب، والذي يفسر كأنه بحث عن المادة والوجاهة، وخصوصاً في عصرنا الحاضر. فنظرة على جيل الكتاب في زمن مضى لا تجد عنده هذا التوجه وإن وجد قد يحصل من ورثته بعد مماته؛ لأنهم يعتبرون التجديد في الكتابة والتأليف عنصر مهم ينتظره القارئ منهم، والذي يترقبون نقده وملاحظاته بكل قبول وأريحيه علماً بأن الكتابة في ذلك الوقت تتمتع بجميع عوامل نجاح مقوماتها اللغوية والإبداعية والواقعية؛ أما في وقتنا الحاضر أصبح بعض من المؤلفين والكتاب غير متقيدين بأخلاقيات مهنة الكتابة والعمل الصحفي يسوقون لبضاعتهم الفكرية الركيكة، ولا يهمهم سوى البحث عن المال والشهرة، وقد وصل عند البعض منهم أن يقدم كتابه بنفسه للقراء، وهذا غير مألوف في زمن مضى حيث تجده عندما ينتهى من تأليف كتاب (ما) يبحث عن شخصية علمية معتبرة لتقديمه، وكأنه يقول له قيم هذا (المؤلف) وأعطني رأيك فيه، وفعلاً وهذا ما يحصل حيث تجده يدون ملاحظاته التي بالمقابل يأخذ بها ويقوم بتعديلها قبل طباعة الكتاب وتقديمه للقراء، وهذا لم يحدث في هذا الوقت إلا عند القليل من الكتاب والمؤلفين، ويفترض أن يكون المؤلف والكاتب في هذا العصر أكثر وعياً ونضجاً عن سابقيهم لأن البيئة في وقتنا الحاضر مهيأة للكاتب أن يبدع أكثر، ويخدم أمته ويتفاعل مع همومها وقضاياها.