تولي معظم دول العالم المتقدمة والنامية -على حد سواء- ريادة الأعمال التقنية أهمية خاصة، باعتبارها منبعاً كبيراً لإنشاء الأعمال الناشئة، وترسيخ ثقافة العمل الحر في المجتمعات، بما يؤدي إلى خلق الفرص الوظيفية العاجلة، والحد من البطالة وآثارها السيئة، وتحقيق التنمية المستدامة. وتسعى مملكتنا الغالية جاهدة لمواكبة هذا التوجه؛ حيث ظللنا نشهد في الآونة الأخيرة حراكاً اقتصادياً هاماً، وتنافساً محموماً بين الكثير من الجهات الحكومية وفي القطاع الخاص لدعم ريادة الأعمال التقنية، وكذلك إطلاق الكثير من المبادرات والبرامج والمسابقات التي تستهدف دعم رواد الأعمال السعوديين في المجال التقني ورعايتهم ومساعدتهم لإطلاق أفكارهم وتحويلها إلى مشروعات تقنية ناجحة. ولكن رغم هذه الجهود إلا أننا لا نزال في بداية الطريق لتحقيق نتائج بارزة، وإنشاء مشروعات تقنية عملاقة. وهذا بالطبع يدعونا إلى أهمية توحيد وتضافر جهود جميع هذه الجهات في القطاعين (الحكومي والخاص)، للجلوس تحت مظلة واحدة للتعاون والتشاور لإطلاق «مبادرة وطنية كبرى» لدعم رواد الأعمال السعوديين في المجال التقني. وكذلك العمل معاً للنهوض بقطاع ريادة الأعمال التقنية في المملكة، لاسيما أن ريادة الأعمال التقنية أصبحت في الوقت الراهن من أهم القطاعات التي تسهم بفاعلية في تطور وتقدم الأمم، وتنويع مصادر الدخل، وزيادة الناتج الوطني، وخلق الوظائف الجديدة لدى الشباب. ورغم إعجابي بالمبادرات والبرامج الكثيرة التي أطلقت مؤخراً، إلا أن تجربة برنامج (بادر) لحاضنات التقنية بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تعد واحدة من التجارب الناجحة والنماذج المتميّزة في هذا الشأن من خلال تعاون بادر مع جهات حكومية عدة وفي القطاع الخاص مثل: معهد ريادة الوطني (ريادة)، وشركة مركز أرامكو السعودية لريادة الأعمال المحدودة (واعِد)، وصندوق (المئوية)، وصندوق الأميرة مضاوي بنت مساعد بن عبدالعزيز لتنمية المرأة، وغيرهم من أجل التعاون معاً لدعم رواد ورائدات الأعمال السعوديين. كما نجح بادر أيضاً مؤخراً في توقيع اتفاقيات عدة مع الجمعية الوطنية للعسكريين المتقاعدين، والهيئة السعودية للمهندسين، وهيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن»، والهيئة العامة للاستثمار وغيرها للتعاون في تقديم الاستشارات وبرنامج الإرشاد للمحتضنين في برنامج بادر لمساعدتهم على تطوير وإطلاق مشروعاتهم التقنية. بكل تأكيد مثل هذه الأعمال المتميّزة تساعد كثيراً رواد الأعمال السعوديين على تطوير أعمالهم عبر حاضنات الأعمال التقنية، وبرامج الإرشاد والتوجيه التي تسهم في تقليل نسبة المخاطرة، وتزويدهم بأسباب النجاح، واقتناص الفرص، والتركز على تطوير أعمالهم باحتراف. أتمنى أن نرى قريباً توحيد الجهود المبذولة كافة في المملكة لدعم ريادة الأعمال التقنية لمساعدة شبابنا الطموح والأخذ بأيديهم ليتمكنوا من تحويل أفكارهم الابتكارية إلى منتجات ومشروعات تقنية ناجحة وبناء المجتمع والاقتصاد القائم على المعرفة في وطننا المعطاء.