خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله تخرج من مدرسة القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه، وتعلم من لدنه دروسا هامة في القيادة والحكم، وأخذ عنه ملامح السياسة والحكمة في إدارة الأمور داخلياً وخارجياً، ومعروف عن خادم الحرمين اعتزازه بوالده كغيره من إخوته وأبناء شعبه، غير أن الملك عبدالله بما تعلمه وأخذه عن والده من صفات الفروسية والنبل، وعمق الحكمة والرياسة، وصدق المواطنة والعقيدة، فإنه دأب على ذكر هذه المناقب للملك المؤسس، ومما قاله حفظه الله، وفقاً لما جاء في كتاب «المؤسس في عيون أبنائه وأحفاده»، وبمناسبة الذكرى العطرة التاسعة للبيعة المباركة نورد بعضاً مما قاله حفظه الله عن المؤسس -رحمه الله-. معجزة تاريخية فقد رأى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله حينما كان ولياً للعهد أن المعجزة التاريخية على أرض الجزيرة العربية قد تحققت بفضل من الله ثم بعبدالعزيز ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فكانت الوحدة ثمرة ذلك الكفاح العظيم. وقال حفظه الله في كلمة ألقاها مساء يوم الأحد 25 من ذي الحجة 1419ه 11 من أبريل 1999م خلال حفل أهالي المنطقة الشرقية احتفاء بزيارته حفظه الله للمنطقة. من شواطئ بحرنا الأحمر إلى ضفاف خليجنا العربي جئنا والتاريخ والإنسان ووحدة النفس والأرض والهدف متاعنا في رحلة عمرها في نبضات الزمن خفقات الرجال وجرأة الشجعان وخشية الموحدين آنذاك على آمال عظام سكنت قلوبهم يوم كانوا على هذه الضفاف وكيف لا يكون هذا ورياضهم يتردد نداؤها في آذانهم شوقاً واغتراباً وحسرة. يومها كان للنداء ملب.. وللجراح دواؤها.. وكان فرج الله الذي خطا به عبدالعزيز خطواته الأولى على أرض الجزيرة العربية عزماً وثباتاً وإيماناً بأن الشهادة حق والنصر حق وما بينهما مساحة لا يتجاوزها إلا من ودع أهله وداع المفارق طلباً للنصر أو الشهادة. يومها سعى عبدالعزيز ليسترد ميراث آبائه وأجداده حاملاً لواء كلمة التوحيد خفاقة في آفاق لا حدود لها. فبالله ثم عبدالعزيز ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه تحققت المعجزة التاريخية على أرض الجزيرة العربية فكانت الوحدة ثمرة ذلك الكفاح العظيم فهنيئاً لنا مئوية التوحيد أمناً واستقراراً ورفعة وعطاء. أيها الإخوة الأعزاء ستبقى ذاكرة التاريخ نشطة متيقظة وسيبقى الأمس معنا نأخذ منه دروساً لحاضرنا ومستقبلنا فأمانة الأمم ليست حرزاً يغلق عليه بل معطيات يضاف عليها. أقول ذلك أيها الكرام لنستمد العبر من أحداث الماضي ونقرأ التاريخ وأحداثه ومتغيراته ونأخذ منه المواقف أو حتى قراءتها، بعيداً عن عقل الأمة ومصالحها العامة فلا مكان لرأي أو عمل قاصر في الرؤية ولا قبول أو استجابة أو مهادنة لمن قدم مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن والشعب. إنه لشرف عظيم أن أكون مواطناً قبل أن أكون مسؤولاً وشرف كهذا كلنا شركاء فيه ونفخر به مهما تباعدت بقاعنا الجغرافية أو تعددت جذورنا أو اختلفت مذاهبنا طالما أن كلمة التوحيد هي شريعتنا ومنهجنا. لذلك علينا أن نحافظ على هذا الشرف وذلك العطاء ولا نجعل بيننا منفذاً لحقد ولا مدخلاً لحسد ولا موقعاً لشامت كاره. فلن تهدأ نفوس الحاقدين الكارهين ولن تقر لهم عين إلا حين يروننا قد عدنا إلى الشتات والعوز ولكن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله وسيبقى هذا الوطن شامخاً بالله ثم بكم ولو كره الكارهون. سيبقى رمزاً وفي برقية جوابية بعثها -حفظه الله- إلى الأمير بدر بن عبدالعزيز رداً على برقية سموه المرفوعة بمناسبة الذكرى المئوية للمملكة قال الملك عبدالله: نحمد الله العلي القدير على نعمه التي لا تحصى وأولها نعمة الإسلام التي ألفت القلوب والنفوس تحت راية حمل لواءها رجل عظيم أسند منكبيه على شرعية الحق وواجه التاريخ بإرادة القوي المؤمن بقدر الله فخطا خطواته الأولى إلى قلب الأحداث بعزيمة قطعت خطوط الرجعة واستقبلت قدرها نصراً أو شهادة في سبيل الحق والشرعية فكان النصر حليف من كبر وهلل لله العزة وبه التمكين. وأضاف يحفظه الله قائلاً: واليوم يبقى عبدالعزيز رمزاً منتصباً على هامة التاريخ مشيراً بسبابته إلى كل رجاله المخلصين الموحدين لله جل جلاله. أب لكل شعبه ومما قاله الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الملك عبدالعزيز رحمه الله: (.. إن أثبت الذكريات في ذهني عن المغفور له الملك عبدالعزيز إيمانه العميق بالله وثقته بأهداف شعبه، وصلابته الفذة، وحكمته في رسم الخطوات وتنفيذها باتجاه الهدف. وبقدر ما تميز رحمه الله بالصلابة، ومجابهة أقسى الظروف بقلب واثق بالنصر فقد كان في نفس الوقت أبا بكل ما تحمله هذه العبارة من معاني العطف والمحبة والإيثار. إنه لم يكن أباً لأسرته فقط بل لكل أبناء شعبه الوفي).