استهل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رعاه الله عهده الميمون بزيارة للمدينة المنورة يوم الجمعة الرابع عشر من شهر رجب عام 1426ه وهو تاريخ يتذكره المدنيون باعتزاز حيث وجه بتنفيذ الاعمال المتبقية من مشروع المسجد النبوي الشريف بتكلفة تجاوزت اربعة مليارات ريال، وقال حفظه الله في كلمة ألقاها في حفل الأهالي عقب وضع حجر الأساس (منذ تأسيس المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبد العزيز يرحمه الله شرفنا الله عز وجل بخدمة الحرمين الشريفين فشكرناه وحمدناه ونهضنا بعزم وعزيمة لنقوم بأعباء التكليف فنحن لا نعتز بشئ بعد الإسلام مثل اعتزازنا بخدمة الحرمين الشريفين فهذه الخدمة عندي لا يعادلها أى مجد من أمجاد الدنيا الزائلة وأنني أدعو الله ليل نهار أن يعيننى على القيام بها وعلى خدمة الشعب السعودي الأبي). واعتمد خادم الحرمين الشريفين مؤخرا أواخر العام الهجري الماضي أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي الشريف، لتصل طاقته الاستيعابية بموجبها إلى مليوني مصل مع نهاية أعمال المشروع. وتقدر شخصيات خبيرة في مجال العقارات ومطلعة على مراحل التوسعة أن عدد العقارات التي من المتوقع نزعها لمشروع توسعة الملك عبد الله للحرم النبوي ومداخله والمناطق المحيطة به بأربعة عشر الف عقار من المقرر تعويض ملاكها خلال الفترة المقبلة بحوالي 25 ملياراً. وفيما يتعلق بالأثر الاقتصادي لمشروع الملك عبد الله لتوسعة الحرم النبوي، يرى عدد من الخبراء الاقتصاديين الايجابيات الكبيرة التي ستنبثق عن المشروع العملاق حيث ان الحرم النبوي سوف يستوعب حوالي مليوني مصل بعد التوسعة، بعد أن كان يتسع لخمسمائة وخمسين الف مصل، وهذا العدد يستلزم استثمارات ستتجاوز 200 مليار ما بين تعويضات ومشاريع في عدة قطاعات، من ضمنها زيادة عدد الفنادق وتوسعة الشوارع وتوسعة بنى تحتية، بالإضافة الى فتح فرص توظيف ضخمة، وهذا سيؤثر ايجابا على الحركة الاقتصادية والتجارية. وأبدى عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والمشائخ سعادتهم باهتمام وعناية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمقدسات الإسلامية وصلا لما قام بها قادة هذه البلاد منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود يرحمه الله معتبرين مواصلته لجهوده الكبيرة في عمارة الحرمين الشريفين مؤشرا على مدى اهتمامه بالمقدسات مشيرين الى استهلال الملك عبد الهق فترة حكمه بتوجيهاته باعتماد مشاريع توسعة كبيرة في الحرمين الشريفين وفي المشاعر المقدسة سهلت على المعتمرين والحجاج اداء مناسكهم في يسر وسهولة. وأكدوا أن تنفيذ هذا المشروع على يد الملك عبد الله تأكيد على مدى اهتمامه بهذه المنطقة وبشؤونها وخاصة فيما يتعلق بالمسجد النبوي الشريف وهو مؤشر على ما أكد الالتزام به في كلمته السامية التي ألقاها الملك في يوم البيعة المباركة من عنايته بكل ما يخدم الإسلام والمسلمين وقالوا أن الشروع بتنفيذ هذا المشروع وبهذا الحجم من البذل يشعر الجميع بالتفاؤل الكبير بمستقبل طيب، وقالوا أن إكمال مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف بالمدينةالمنورة من أولويات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد توليه مهام الحكم مؤشر على استمرار قادة هذه البلاد على النهج الذي استنه مؤسس هذا الكيان الملك عبد العزيز يرحمه الله الذي أبدى عناية كبيرة بمشاريع توسعة الحرمين الشريفين منذ استتباب الأمور بعد أن وفقه الله بتأسيس هذا الكيان. وغني عن القول أن للمسجد النبوي بالمدينةالمنورة مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، حيث يحرص على زيارته كل من يفد إلى هذه البلاد لأداء الحج والعمرة للصلاة فيه والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما. وشهد المسجد النبوي عدة توسعات عبر التاريخ، مرورا بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية فالعباسية والعثمانية، وأخيرا في عهد الدولة السعودية حيث شهد توسعات هي الأضخم في تاريخه. وفي عهد الوليد بن عبد الملك سنة 88ه دون أي زيادة فكتب الوليد إلى واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز(86 - 93ه) يأمره بشراء الدور التي حول المسجد لضمها إلى التوسعة، كما أمره أن يدخل حجرات أمهات المؤمنين في التوسعة، فوسع المسجد النبوي الشريف وأدخل فيه قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكانت زيادة الوليد من ثلاث جهات وهي الشرقية والشمالية والغربية، وأصبح طول الجدار الجنوبي 84 مترا والجدار الشمالي 68 مترا والغربي 100 متر، وتقدر مساحة هذه الزيادة بحوالي 2369 مترا مربعا. في عهد الملك عبدالعزيز وفي العهد السعودي بدأت مراحل التوسعة عندما أعلن الملك عبد العزيز في خطاب رسمي سنة 1368ه عزمه على توسعة المسجد والبدء بالمشروع، وفي سنة 1370ه بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد وفي ربيع الأول 1374ه اقيم احتفال بمناسبة وضع حجر الأساس للمشروع بحضور ممثلين عن عدد من الدول الإسلامية، وانتهت العمارة والتوسعة في سنة 1375ه في عهد الملك سعود - رحمه الله - وكانت العمارة قوية جميلة رائعة بالأسمنت المسلح ونتج عن هذه التوسعة أن أضيف إلى مسطح المسجد 6033 مترا مربعا، واحتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية، كما هو وهو ما كان صالحا للبقاء، وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية 12271 مترا مربعا. وفي عهد الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - ونظرا لتزايد الأعداد الوافدين للمسجد النبوي خاصة في موسم الحج نتيجة لسهولة المواصلات والتنقل، والراحة التي يلقاها الحاج والزائر في هذه البلاد الطاهرة، كان لا بد من توسعة المسجد حتى يستوعب هذه الأعداد المتزايدة، فأصدر الملك فيصل أمره بتوسعة المسجد. وتمثلت التوسعة في إضافة 35 ألف متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف، ولم تتناول عمارة المسجد نفسها، بل جهزت تلك المساحة لإقامة مصلى كبير مظلل، يتسع لعدد من المصلين يماثل عددهم داخل المسجد، ثم أضيفت مساحة 5550 مترا مربعا وظللت كذلك، مما أتاح المجال لاستيعاب أعداد أكثر من المصلين وكان ذلك سنة 1395ه. وفي عهد الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله - وفي 1397ه تمت إزالة السوق القماشية وهو في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد، وتمت إزالة المنطقة وتسوية أرضيتها، وتعويض أصحاب الدور والعقار، وتمت إضافتها لمساحة المسجد، وبلغت المساحة 43000 متر مربع وهو ميدان فسيح مظلل، وأضيف إلى أرض المسجد النبوي ولم تتناول عمارة المسجد، وتم تخصيص جزء منها مواقف للسيارات. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - أمر بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للحرم النبوي، وكان دافعه إلى ذلك كله أن يكون للحرمين الشريفين قيمة متوازية كما لهما القيمة الروحية العظمى لدى المسلمين في كل مكان في أرجاء العالم الإسلامي، وفي سنة 1405ه تم وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة للمسجد، وتضمنت إضافة مبنى جديد بجانب مبنى المسجد الحالي يحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها 82 ألف متر مربع يستوعب 167 ألف مصل. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - تم تدشين أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف على مدى التاريخ، إلى جانب مشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها - أيده الله - وهي من المشاريع العملاقة، حيث جاء التوجيه بتصنيعها وتركيبها على أعمدة ساحات المسجد النبوي الشريف التي يصل عددها إلى 250 مظلة، لتغطي هذه المظلات مساحة 143 ألف متر مربع من الساحات المحيطة بالمسجد من جهاته الأربع ليصلي تحت الواحدة منها ما يزيد على 800 مصل، يضاف إلى ذلك تظليل ستة مسارات في الجهة الجنوبية ويسير تحتها الزوار والمصلون. وصنعت هذه المظلات خصيصا لساحات المسجد على أحدث تقنية وبأعلى ما يمكن من الجودة والإتقان وتغطي المظلة الواحدة ما مساحته(576) متراً مربعا ويستفيد منها أكثر من (200) ألف مصل إضافة إلى تنفيذ مشروع الساحة الشرقية للمسجد النبوي الشريف وبمساحة تبلغ (37) ألف متر مربع وستستوعب أكثر من(70) ألف مصل وسيستفيد المشروع من تنفيذ مواقف للسيارات والحافلات في بدروم المشروع يستوعب لأكثر من أربعمائة وعشرين سيارة وسبعين حافلة كبيرة كما تضمنت الأعمال المنفذة على دورات مياه مخصص معظمها للنساء ومواقف مخصصة لتحميل وإنزال الركاب من الحافلات والسيارات وتنفيذ مداخل ومخارج مواقف السيارات بالمسجد النبوي واشتمل ذلك تنفيذ ثلاثة أنفاق لربط مواقف السيارات بطريق الملك فيصل الدائري الأول.