في المجتمع القديم يُقال «فلان عيّار» بمعنى أنه صاحب نكتة، وموقف طريف، ومن ذلك يُقال «خل عنك العيَارة»، بمعنى كن جاداً فيما تقول!. قديماً كان الناس ينتقدون بعضهم البعض بالبسمة الساخرة، وصنع الموقف «غير الجارح» لإيصال «ملاحظة معينة» لشخص ما، تحت البند الشهير «مزحة برزحة»، فقط ليعبروا عمّا بداخلهم دون أن يخسروا من حولهم، وكان هذا الأمر مقبولاً، قبل أن تتوقف هذه الخصلة ليصبح السواد الأعظم «لا يقبل أي نقد» بالمطلق!. هناك قصص قديمة تروى عن كيفية الاستعانة بأحد « محترفي فن العيَارة « في ذلك الزمن، ليقوم بتخليص المجتمع البسيط من شخص « عجز الآخرون « عن تنبيه وتغير سلوكه، ولم يستجب لكل ما يطلبونه!. الابتسامة جزء من ثقافة النقد السعودي، اندثرت اليوم للأسف، حيث «التجهم» في وجوه الناقدين، والعبارات الجارحة، يقابل ذلك تمييع بعض القضايا بالمجاملة القاتلة!. عندما نجح «طاش ما طاش» في تجاوز كل ما كان يعتقد أنها «خطوط حمراء» من الرقيب، اتفق الجميع على أن النقد الساخر «دون تجريح» أمر مُستساغ ومقبول في الثقافة السعودية، ويمكن من خلاله توصيل رسائل للمجتمع ولصانع القرار في وقت واحد!. التلفزيون السعودي لم ينجح في تقديم «برنامج سعودي ساخر» حتى الآن، رغم أن السعوديين يجيدون «الضحك» ويتابعون أشهر البرامج الإنجليزية والأمريكية الساخرة، والتي يكفي فيها التفاعل الجماهيري تجاه القضايا المطروحة، وردة الفعل الصادمة لدى الضيوف، تجاه بعض ما يقدم لنقد فكرة معينة، وآثارها على حياة «المواطن العادي» في تلك الدولة!. أعتقد أنه يجب التفكير جدياً وبشكل سريع، في التعاقد مع «عيّار محترف» لتقديم برنامج «سعودي ساخر» يتوافق مع طبيعة مجتمعنا، ويناقش همومنا اليومية «دون تسطيح»، ويتحصل على ردة فعل الشارع بتجرد، ويقوم بقياس الرأي العام السعودي تجاه القضايا التي تهم المواطن، وتوجيه النقد الساخر اللاذع للمقصر مع مراعاة الآداب العامة، وعدم القذف، او الاستهزاء، أو توجيه الاتهام المباشر للأشخاص، بقدر ما هو قراءة فاحصة وباسمة لحال المجتمع وظروفه!. هنا يجب أن نضحك أولاً، ثم نتحرك ثانياً للعلاج، الناس ملت من الصراخ دون فائدة!. وعلى دروب الخير نلتقي.