تقوم الإدارة في أي دولة بدور مهم في الحياة العامة فهي المساند الحقيقي للحكومة، بل إن خبراء الإدارة الإنجليز يعتبرون الإدارة هي الحكومة وفي الولاياتالمتحدة اهتمت الحكومة الأمريكية بالإدارة منذ وقت مبكر حتى وصلت الولاياتالمتحدة إلى مستوى متقدم في هذا المجال فقد أصبحت قبلة للدراسين والمبتعثين من كافة دول العالم، بل إنه في الولاياتالمتحدة يتم إطلاق لفظ الإدارة على أعلى سلطة فيها وهي الحكومة الفدرالية فيقال الإدارة الأمريكية بدلاً من الحكومة الأمريكية. وتعود أهمية الإدارة إلى كونها القطاع الذي يترجم قرارات وتوجهات الحكومات إلى واقع فعلي وخدمات ملموسة، فالحكومة في أي بلد من بلدان العالم تصدر القرارات وتعتمد التوجهات ثم تقوم الإدارة بتنفيذ هذه القرارات والتوجهات ومنها ما يتعلق بالخدمات المباشرة للمواطنين إضافة إلى الوظائف الرئيسية للإدارة والتي من شأنها مساعدة الحكومة للقيام بعملها ومنها التخطيط والتنظيم والرقابة على الأداء، إذ لا يكاد يخلو أي قرار يعرض على الحكومة إلا وللإدارة دور في دراسته وتقديم المقترحات حوله. وقد أدركت المملكة أهمية الإدارة ومدى تقدمها بالولاياتالمتحدة منذ وقت مبكر فاستقدمت سنة 1379ه خبراء في مجال الإدارة العامة من مؤسسة فورد الأمريكية الذين توصلوا إلى عدة توصيات كان لها دور في تطوير الإدارة بالمملكة ومن هذه التصويات ما يلي: - استحداث معهد للإدارة في المملكة. - ابتعاث العديد من موظفي الدولة لدراسة علم الإدارة العامة بالولاياتالمتحدة وغيرها من الدول المتقدّمة. - تحديث الأنظمة المالية والوظيفية. وقد فعلت المملكة هذه التوصيات إلى واقع ملموس فأنشأت سنة 1380ه معهد الإدارة للقيام بتدريب الموظفين وفق أحدث المبادئ الإدارية، كما أصدرت سنة 1391ه نظام حديث للموظفين تضمن الكثير من مبادئ الإدارة الحديثة، وأنشأت في نفس السنة هيئة إدارية مختصة بكشف المخالفات الإدارية والمالية والتحقيق فيها. وقد توالى صدور الأنظمة الإدارية في المملكة بعد ذلك إلى أن استحدث سنة 1397ه مجلس الخدمة المدنية ليتولى النظر في أمور الوظيفة العامة واقتراح الأنظمة حولها، ثم وزارة الخدمة المدنية سنة 1420ه لكي تتولى مسؤوليات ومهام ديوان الموظفين العام أو ديوان الخدمة المدنية السابقين وبهذه الجهود المتتالية وصلت المملكة إلى مستوى متقدّم في الإدارة وإن كان الطموح هو الوصول إلى مستوى أكثر تقدّم. ومما يميز الإدارة في المملكة والذي جعلها في مركز متقدّم في منطقة الشرق الأوسط ما يلي: - الشفافية، إذ ليس هناك حواجز بين الموظفين والقياديين والمواطنين. - عدم تفشي الفساد المالي والإداري إلى مستوى الظاهرة كما هو موجود في بعض الدول. - حرص القيادة العليا في المملكة على قصر المزايا على المجدين وذوي الكفاءة من الموظفين. - الانتظام والمواظبة في العمل من غالبية الموظفين. - مراجعة الأنظمة الإدارية والوظيفية من حين لآخر والعمل على تطويرها. - المشاركة في المنظمات والمنتديات الإدارية الإقليمية منها والدولية. - تزايد حجم الإنفاق على مشاريع الإدارة وطموحاتها. - تعدد الأنظمة الوظيفية في ضوء تنوّع فئات وشرائح الموظفين. - استمرار الابتعاث للدول المتقدّمة لتلقي المزيد من المبادئ الإدارية الحديثة. - توفير الآليات والأجهزة الحديثة اللازمة لأداء الأعمال. - تهيئة المباني الحديثة المناسبة لقيام الموظفين بأعمالهم.