الترتيب السياسي أصبح ضرورة لحماية بلادنا بعد أن تصدعت من حولنا دول وأنظمة وشعوب. الملك عبدالله - يحفظه الله - أعاد بناء الأنظمة السياسية والإدارية منذ أن تولى إدارة بلادنا عام 1423ه، وملكاً عام 1426ه. أعاد بناء هياكل الدولة بالتشريعات والتعديلات؛ لتناسب التطورات والأحداث التي فرضتها التغيرات الدولية. ففي مساء يوم الخميس الماضي أمر الملك عبدالله بتعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد، وملكاً في حال خلو منصبَيْ الملك وولي العهد، بعد أن وافق معظم أعضاء هيئة البيعة على هذا القرار. أصبح الربيع العربي منذ عام 2010م زلزالاً لجميع الدول العربية التي كانت تحتاج إلى زلزال بسبب سوء الإدارة السياسية، والدول التي تعيش الانسجام مع شعوبها. فالمحرك الدولي يعادل المحرك الداخلي الشعبي، الذي يسعى إلى تفكيك الدول، كما يحدث الآن في ليبيا وسوريا ودول أخرى وُضعت على القائمة؛ فكان لا بد من خطوات استشرافية وخطط سريعة تدعم ثباتنا وسط الأمواج الهادرة التي تدور حول حدودنا الشمالية (العراقوسوريا) - وإن لم تكن سوريا حدودية - وأيضاً حدودنا الجنوبية (اليمن)، وتحوُّل دول عظمى شبه حدودية مع بلادنا: (أمريكا في العراق، وروسيا في سوريا)، إضافة إلى التمدد الإيراني وأطماعه في (العراق والبحرين واليمن). إذن، نحتاج في هذه المرحلة إلى البناء المتماسك في نظام الحكم وهيئة البيعة والمؤسسات التشريعية والتنفيذية لحماية هذا الجيل والأجيال القادمة من الهزات السياسية التي تحاصرنا. المنطقة العربية دخلت في مرحلة جديدة من النظام السياسي بعد أن كان الاستعمار الأوروبي هو من يدير المنطقة. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية 1945م بدأت البلاد العربية تعيد بناء كياناتها حسب أنماط شعوبها، فبعض الدول حل النظام العسكري مكان الاستعمار الأوروبي بتولي القيادات الميدانية العسكرية إدارة النظام السياسي، والبعض الآخر تولت القيادات الشعبية العشائرية أو القيادات التقليدية إدارة بلدانها. أما في الوضع الراهن فنحن في مرحلة جديدة، تقوم على المؤسسات والشورى والمجالس وأهل الحل والعقد، وهي مرحلة الإدارة الجماعية التوافقية. والمملكة بدأت بعد أن كتبت نظامها الأساسي للحكم وإنشاء المؤسسات الاستشارية في التعجيل في الإجراءات من أجل تقوية هرم السلطة السياسية، ومن أهمها ما نشهده اليوم من تحديد الملك القادم في حال خلو منصبَيْ الملك وولي العهد، وهذه إجراءات تثبيت وحماية لهرم السلطة، واستقرار سياسي يكون ضمانة بعد الله وحماية من التقلبات التي تدور من حولنا، وهي تقلبات سريعة وعنيفة، فكان لا بد من إجراءات حصينة ودقيقة لجعل بلادنا تنعم بالاستقرار، وتكون بعيدة عن المتغيرات الدولية العنيفة.