ما كان الهم العربي غائباً عن الكويت ليستعيد حضوره في القمة العربية الملتئمة لتناقش قضايا بعضها مستعص على الحل منذ عقود، والآخر طارئ يحتاج إلى علاج فوري ليتم تجاوزه قبل أن يتفاقم وتتراكم إفرازاته. تسارع الأحداث التي تشهدها منطقتنا حول المستعصي والطارئ من قضايانا لتحديات مصيرية يحتاج التعامل معها إلى ذهنيات خبرت المرور بالمنعطفات الحادة ومواجهة العواصف في هذا الجزء من العالم الذي لم يعرف الهدوء خلال تاريخه الحديث. حين يجري الحديث عن هذا النوع من الذهنيات التي تختزن الحكمة والقدرة على التقاط الحلول لوقف النزف وتبريد الأزمات، تحضر التجربة التي كرسها سيدي صاحب السمو الأمير -حفظه الله- ورعاه في التعامل مع القضايا الساخنة. يتسع الحديث عن أيادي سموه البيضاء والبصمات التي وضعها وهو يبذل جهوده الخيرة، لإبعاد أشباح الموت والدمار وتحاشي الوقوع في دوامات العنف التي يذهب ضحيتها الأبرياء وتدفع الشعوب فواتيرها من دماء أبنائها وفرصها في التنمية وصناعة المستقبل. يدرك سموه أن الحاضر أرضية لصناعة المستقبل لا بد من إيلاء الاهتمام الكافي به واستغلال المتاح من فرصه، والعمل على إيجاد الفرص، في حال غيابها لتصليب هذه الأرضية. يحرص على قراءة التاريخ، بعين مجربة ليستخلص منه ما يعين على تفادي العثرات وفتح آفاق جديدة أمام شعوب المنطقة. ذلك الخزين المتراكم من الحكمة التي يمتد عمرها إلى عقود من العمل الجاد لكي تبقى المنطقة والعالم بيئة قابلة للحياة يتيح لسموه تقديم ما يكفي من المساهمات لتكون الكويت محطاً للأنظار حين تقف المنطقة أمام أصعب الأسئلة وأكثرها خطورة. حضر كل هذا التاريخ مع تداول أصحاب الجلالة والفخامة والسمو للقضايا الساخنة التي تؤرق شعوبنا الباحثة عن الاستقرار والتنمية والعيش بحرية وكرامة ليوفر فرصاً إضافية لقمة مثمرة في ظروف عصيبة. والتقت وجهات نظر الفرقاء عند الأمل في أن تكون القمة العربية مدخلاً للوصول إلى تفاهمات وحل أزمات والخروج بتوافقات تترك أثراً ملموساً في الحد من تفاقم الأزمات يمكن البناء عليه لتجاوز الأوضاع الراهنة. يستمد الأمل حضوره من المكان وناسه، فقد كانت الكويت على الدوام ولم تزل قبلة التوافقات يتنادى أهلها لكل ما فيه خير أبناء أمتهم، ولا تتوانى قيادتها عن بذل كل ما يمكن من جهد وتقديم ما في استطاعتها للوصول إلى أفضل الحلول والخروج بالنتائج التي ترتقي لطموحات شعوبنا (اللهم احفظ أوطاننا وأمتينا العربية والإسلامية وشعوبهما برعايتك).