الحياة البرلمانية في الكويت التي انطلقت منذ عام 1962 تعد الأهم على صعيد التجارب البرلمانية العربية من خلال قوة مجلس الأمة وتفاعله مع القضايا التي تهم الرأي العام الكويتي خاصة وأن هذه الانتخابات المقبلة تأتي في ظل متغيرات سياسية تشهدها المنطقة والعالم العربي مع تواصل الثورات العربية أو ما يسمى ب«الربيع العربي»، كذلك في ظل ظروف بالغة الدقة سواء على صعيد الساحة السياسية في الكويت أو في ظل المناخ السياسي الذي تشهده منطقة الخليج العربي بعد القمة ال 32 لقادة دول مجلس التعاون التي من أهم نتائجها الحديث الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود نحو التحول من التعاون الخليجي إلى مرحلة الاتحاد «وهي نقلة كبيرة ونوعية لقيت كل الاهتمام من القادة العرب كافة . والواقع أن وجود مجلس أمة مستقر ومتوافق مع الحكومة يعد من الأمور الأساسية، لأن تلك الانتخابات سوف تكون حاسمة وذات طبيعة تنافسية كما أنها تجرى للمرة الرابعة خلال أقل من ست سنوات. ومن الواضح أن هذه الانتخابات سوف تشهد نقلة نوعية من خلال الحديث عن الآليات التي تضمن نزاهتها كما يحدث دوما في الانتخابات البرلمانية الكويتية ولعل الحديث عن وجود إشراف قضائي هو أمر معتاد ولكن وجود منظمات المجتمع المدني كجمعية «الشفافية» الكويتية كمراقب غير حكومي للانتخابات سوف يعزز من المصداقية وهي المرة الأولى التي توجد فيها تلك الجمعيات في المشهد الانتخابي الكويتي منذ العام 1962 . إن الحديث عن وضع خطوط ساخنة للتواصل مع الناخبين الكويتيين للإبلاغ عن أي تجاوزات يعد عملية إيجابية تسجل للمشهد الانتخابي الكويتي وعلى ضوء كل تلك التطورات فإن انتخابات مجلس الأمة سوف تكون مثيرة وسوف تكون متابعة بشكل كبير إعلاميا وسياسيا في ظل الحراك السياسي والنقاش المستمر في الساحة الكويتية. المهم في المحصلة النهائية ستكون تلك الانتخابات نزيهة شفافة وتعكس التجربة البرلمانية العريقة لدولة الكويت على مدى أكثر من خمسة عقود لاسيما وأن مجلس الأمة اصبح هو المرجعية الدستورية لكل الشعب الكويتي الشقيق، متمنيا نجاح الانتخابات وتواصل الحياة البرلمانية في الكويت . الحملات الانتخابية التي لمستها في الكويت كانت إيجابية وهامة لأنها كما تعودنا عليها في جو تنافسي شريف تسوده الحرية والنزاهة وحسن التنظيم ولعل ما أعلنه وزير الإعلام الكويتي الشيخ حمد جابر العلي من أن الحكومة اتخذت كافة الترتيبات اللازمة لإجراء هذه الانتخابات بكل حرية ونزاهة يؤكد الدور الكبير الذي تقوم به الحكومة من أجل أن تكون الانتخابات بإرادة حرة نقية بعيدة عن النوازع والحسابات الضيقة والمكاسب الشخصية والتركيز على النهوض بالمواطن الكويتي وتحقيق المكتسبات للشعب الكويتي في مختلف المجالات . ومن الواضح والجلي القول إن تأثير الحملات الانتخابية التي قادها المرشحون إلى مجلس الامة ماثلا أمام الناخبين بعد أن أتاحت لهم الحكومة كامل الحرية وحق الانتقاد ليقولوا كلمتهم الأخيرة عند صندوق الانتخابات خاصة وأن برامج المرشحين تضمنت المزيد من الحريات وتوسيع المشاركة الشعبية في العملية السياسية بعد أن سمح للمرأة للمشاركة بالانتخابات وفوز مجموعة من السيدات في المجلس حيث كان لهن الدور البارز والمميز فدعم وتفعيل الحياة الديمقراطية. ومن اللافت للنظر في هذه الانتخابات الت تمثل عرسا ديمقراطيا غياب ترشيح البرلماني والسياسي الكويتي المخضرم السيد جاسم الخرافي والذي ترأس المجلس لأكثر من خمس دورات كان خلالها السياسي والبرلماني النجح والعريق في تسيير دفة هذا المجلس بالرغم من بعض الأزمات البرلمانية والحكومية والتي استطاع بحكمته على إدارة جلسات المجلس بكل حكمة وفاعلية حيث قال لي – لن اترشح لأنني سأفسح المجال للشباب وإلى الدماء الجديدة لتخوض دورها الإيجابي والبناء في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ أمتنا العربية المجيدة .وسينجح خمسون مرشحا من بين أكثر من ثلاثمائة مرشح ملأوا الكويت وشوارعها بلافتاتهم وصورهم وشعاراتهم. حيث يؤكد جميع المرشحين حرصهم على الرقي بالوطن ووحدته الوطنية.