تواجه عدد من شركات التأمين في السعودية تحدي البقاء والقدرة على المنافسة في سوق أصبح يضم 34 شركة 50 في المائة منها لا زالت تمنى بخسائر منذ تأسيسها قبل عدة سنوات، وهذا في طبيعة الحال يعكس أن ليس لدى هذه الشركات أية رؤية إستراتيجية واضحة لممارسة النشاط والحصول على حصة من السوق. وهو ما يستدعي ضرورة تدخل الجهة الرقابية بصورة أكثر فعالية لسد نزيف رؤوس أموال هذه الشركات كي لا تسيء لسوق التأمين ككل. وقد اعترف محافظ مؤسسة النقد خلال عرضه التقرير السنوي ال 49 للمؤسسة أخيراً بأن هناك شركات تأمين مدرجة في السوق السعودية تواجه خطر التعثر أو الإفلاس، وطالب ضمنيا تلك الشركات بالاندماج، لكن ذلك يظل تصريحاً عابراً ولم ولن تلفت له شركات التأمين إطلاقاً، ما لم تتخذ «ساما» خطوات فعلية في هذا الاتجاه من خلال دعوة رؤساء مجالس إدارة تلك الشركات المتعثرة وإقناعها بمشروع الاندماج فيما بينها وبحث هذا الأمر معها بكافة جوانبه القانونية والتنظيمية، وكذلك العلامة التجارية والموارد البشرية وعمليات التشغيل والتسويق والأصول وغيرها. الاندماج أحدى أهم الحلول للحفاظ على بقاء هذه الشركات، وهي إستراتيجية موجودة في معظم دول العالم، خاصة إذا ما كانت مبنية على أسس سليمة، تضمن حقوق الشركات ومساهميها. والمسؤولية هنا تقع على عاتق مؤسسة النقد -كونها الجهة المشرفة على هذا القطاع- وننتظر منها تحرك فعلي وتطبيق هذه الخطوة مع أثنين من شركات التأمين المتعثرة حالياً، لتكون بداية للعديد من الخطوات المماثلة خلال الفترة المقبلة. فأن كنا ننتظر لتبادر الشركات من نفسها للاندماج فأكاد أجزم أن هذا لن يحصل حتى لو اضطرت هذه الشركة أو تلك لتكون سابقة في إعلان إفلاسها والخاسر هم المساهمين، في حين أن مؤسسة النقد وحدها قادرة على إلزام هذه الشركات بالاندماج، بهدف إيجاد كيانات أكثر تنافسية، وتحسين وضعها الرأسمالي إضافةً إلى توفير الكوادر المؤهلة، لتكون قادرة على تطوير أعمالها وتوجيه جهودها نحو تحقيق الأرباح من خلال العمليات التأمينية بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني. وهناك دراسات متخصصة صادرة عن وكالات تصنيف عالمية أظهرت أن العقبات التي تحد من فرص الدمج والاستحواذ على مستوى قطاع التأمين يمكن أن يزيد خطر العجز عن السداد لدى بعض الشركات الصغيرة في القطاع، خاصة في ظل المنافسة القوية التي تشهدها السوق. في المقابل فأن السماح لشركات التأمين المتعثرة بزيادة رأسمال كي تنجو من مصاعبها وفي كل سنة تتضاعف خسائرها، اعتقد أنه ليس حلاً سليماً إطلاقاً، إذ سنجد كل شركة خاسرة تطلب رفع رأسمالها مرة ومرتين وثلاث، وهذا يعد عبثاً كبيراً يؤدي إلى امتصاص أموال المساهمين بالباطل ودون أي إضافة للاقتصاد الوطني.