، أناس من بني جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، ولكنهم يعملون جاهدين، ويبذلون ما في وسعهم، لتخريب اتحادنا وتمزيق وحدتنا، ممتطين الحرص على الدين تارة، والغيرة على مصالح المواطنين تارة، والاهتمام بأمر المسلمين تارات وتارات، وسيلتهم تصيد الأخطاء، وأسلوبهم ذر الرماد في العيون، ومنهجهم ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، وشعارهم الخوف على تبديل الدين أو أن يُظهَرَ في الأرض الفساد، وإن كان إبليس وجد من أطاعه فبتك آذان الأنعام، وغير خلق الله، وفرعون وجد من استخفه فسلم له الخطام والزمام، فإن هؤلاء اللصوص وجدوا من ضعاف العقول والدين، والتقى واليقين، من ينجر خلفهم، وينساق وراءهم، ويتبنى منهجهم، ويدعو بدعوتهم، وقد أعمى بصيرته، وأضفى غشاوة على بصره، ضعف دينه، وخفة عقله، وقلة تقواه، وجهله المركب بما تؤول إليه الأمور، وما تعقبه الأشياء، المبنية على العواطف والشهوات والشبهات، والبعيدة كل البعد عن تعاليم شرع حكيم، من رب عليم خبير حكيم . إن لصوص الاتحاد والوحدة، والمتأثرين بهم، نسوا أو تناسوا، وجهلوا أو تجاهلوا أن الدين يأمر بالاتحاد، ويحث على الوحدة، ويحذر من الفرقة، ولا أدل على ذلك من قول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاَّ هالك) وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا في الحديث الحسن: (وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن هذه الواحدة الناجية من النار، قال صلى الله عليه وسلم: (من كان على ما أنا عليه وأصحابي) . إذا لكي يبقى اتحادنا، وتسلم وحدتنا، علينا أن نعمل بكتاب ربنا عز وجل، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ونكن يدا واحدة مع ولاة أمرنا، ومن ساءه ذلك، وأراد جمعنا على غيره، أو دعانا لأي أمر خارج عن إطاره، فلنعلم علما يقينا لا شك فيه، إنما هو لص من لصوص اتحادنا، وسارق من سراق وحدتنا.