نتذكر ما حدث قبل عشرين عاماً مضت حينما دك نادي ميلان الإيطالي حصون برشلونة الإسباني برباعية نظيفة في نهائي كأس دوري أبطال أوروبا آنذاك في أثينا، نتذكر كيف كان عنفوان وقوة الأداء في بطولة الكالتشيو الإيطالي الذي يتهافت اللاعبون من جميع أنحاء العالم للتوقيع لأنديته واللعب في صفوفها، نتذكر في ذلك الوقت أن الدوري الإيطالي كان على قمة هرم البطولات الأوروبية عندما حازت أنديته على ستة ألقاب أوروبية خلال 12 عاماً، نتذكر كيف كانت تتسابق قنوات التلفزة لإذاعة مباريات الدوري الإيطالي وكيف كانت وسائل الإعلام ترسل منسوبيها لتغطية أحداثه وكيف كان عشاق اللعبة يتابعون مبارياته حتى وإن كانت مسجلة. ما الذي حدث ولماذا تدهورت الكرة الإيطالية وتراجعت لتكون خلف من سبقوها؟. هاري فيليب أحد الخبراء الماليين في عالم كرة القدم بشركة بورتلاند للاستشارة في العاصمة الإنجليزية لندن قال لموقع «بي بي سي».. البريطاني: « هناك العديد من الأسباب التي أدت لتراجع الكرة الإيطالية، تتراوح تلك الأسباب بين انخفاض إيرادات المباريات التي تلعب في إيطاليا، وبين انخفاض تدفق الايرادات التجارية للأندية، وصولاً إلى الفساد الإداري، والعنف الجماهيري»، وأضاف الخبير المالي: «هذا الضعف في التنمية التجارية يعني أن الأندية الإيطالية تسقط خلف نظرائها الأوربيين، وهذه الأمور تتفاقم على نطاق واسع بسبب المشاكل الاقتصادية في إيطاليا». بالتدقيق في الأسباب التي اختصرها «هاري فيليب» نجد أن انخفاض ايرادات مباريات الدوري الإيطالي بسبب قلة الحضور الجماهيري متصل مباشرةً بأن الملاعب في إيطاليا - باستثناء استاد يوفنتوس الجديد - لا ترتقي لمستوى طموحات الجماهير (لضعف البنية التحتية) ولعدم تطور الملاعب وبيئتها بشكل ملائم لجذب الحضور الجماهيري، والأدهى والأمَر لأن الأندية الإيطالية (باستثناء يوفنتوس) لا تمتلك الملاعب التي تقام عليها مبارياتها مما يضعف موقفها مالياً ويدفعها للسقوط أمام نظرائها في القارة العجوز. وعلى سبيل المثال فإن نادي تشيلسي الإنجليزي يصل لخزينته من دخل المباريات على أرضية ملعبه ستامفورد بريدج بمقدار ستة أضعاف ما يصل لخزينة نادي روما من مبارياته في ملعب الأولمبيكو المملوك من قبل بلدية العاصمة. طبقاً للأرقام الواردة من مجموعة «ديلويت سبورت بزنس» فإن إيرادات الأندية من المباريات قد انخفضت في موسم 2011 - 2012م بمقدار 6 ملايين يورو (3%) إلى مبلغ 191 مليون يورو، ليقودنا إلى انخفاض جزئي في نسبة حضور المباريات بمعدل (7%) أي ما يعادل (005ر22) مشجع. وفي المقابل نجح يوفنتوس في زيادة إراداته التجارية لأكثر من ثلاثة أضعاف. أليكس ثورب في «مجموعة ديلويت» قال لموقع «بي بي سي»: إذا نجحت الأندية الإيطالية الأخرى في تنمية وتطوير ملاعبها فإن ذلك سيثمر في زيادة التدفقات النقدية لإيراداتها التجارية، وستصبح مستقلة في استقبال ايراداتها». السيد فيليب أكد أن الأندية الإيطالية تعتمد بشكل رئيس على البث التلفزيوني حينما قال: «التلفزة تلعب الدوري الرئيسي في تدفق الإيرادات المالية للأندية الإيطالية، والأندية تتكل على الأموال من البث التلفزيوني أكثر من غيرها غالبية الدوريات الأوروبية». العديد من الأسباب التي أدت لتدهور الكرة الإيطالية لازالت عائقاً أمام أنديتها، ووحده يوفنتوس بإدارة رئيسه أنيللي تمكن من النهوض بناديه والتغلب على جميع الصعوبات، ومن ثم بناء استاد يوفنتوس، وتوسعة آفاقه وقنواته التجارية ليزيد من إيراداته ويحسن من عقود الرعاية والإعلان، وحده يوفنتوس فقط من يستطيع أن يقارع نظراءه في أوروبا ما لم تنهض بقية الفرق الإيطالية وتنفض الغبار من عليها وتبدأ في عملية التنمية والتطوير والعمل الجاد وتحقيق الاستثمار تماماً كما حدث مع من تفوقوا عليهم في أوروبا حتى يعود الكالتشيو في قمة الهرم كما كان قبل عشرين عاماً.