ميزة الشعر المؤثر وسر بقائه في رقيه واحترامه لذوق متلقيه. فالشاعر الحقيقي من يدرك أن مسؤوليته جسيمة، ومهمته راقية، تبث الجمال، وتحرض على الارتقاء بالذوق العام إلى مشارف النجوم. فالقصيدة الراقية التي تجوب المجالس بكل فخر أنها كُتبت بذوق رفيع محترم هي القصيدة التي يقولها شاعرها أو راويها في أي مجتمع وهو يثق بأن متلقيها سيصفق لها، ويبتهج بسماعها؛ إذ لا يحتاج من يبثها إلى أن يتلفت بحذر قبل إلقائها إلى أي نوع من الناس ينتمي من في المجلس؛ ليقينه بأنها مناسبة لكل الأذواق. أحمد الله كثيراً حينما أرى من الشعراء من يتباهى بقصيدة فاضحة، تضج بالتافه والساقط من القول، متوهماً أن حماس بعض من يطربه ذلك النوع الرديء كافٍ للوصول إلى النجومية والرسوخ في أذهان الناس، ومتناسياً أن ذلك البقاء ربما كان بقاء ممقوتاً مستهجناً. فتباً للشعر والشعراء إذا اقتصرت مهمته ومهمتهم على إثارة الغرائز، وتأجيج الشهوات، وتزيين الخطيئة، وبث الرذيلة.