مناسبة طيبة أن يتسلّم الأمير خالد الفيصل حقيبة وزارة التربية والتعليم أغتنمها لأطرح على سموه بعض الاقتراحات والأفكار وما يعتمل في ذاتي من خلال المعايشة والخبرة لمدة ثلاثين سنة، حيث كنت معلماً ثم إدارياً، وفي هذا العام طلبت الإحالة على التقاعد.. وهذه الآراء والاقتراحات من واقع المعايشة وخبرة السنين وأتمنى أن تحظى برعاية واهتمام سموه المعهود لتجد طريقها للتنفيذ والعمل بها حرصاً على الصالح العام.. وهذه الاقتراحات والأفكار أوجزها لسموه كالتالي: أولاً: كل عام نلاحظ شكاوى الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات عند ما يتم تعيين المعلمات والمعلمين في مناطق بعيدة.. وكم أدمت قلوبنا حوادث مفجعة ومروّعة راح ضحيتها شباب وشابات في عمر الزهور، وكم حصل لبناتنا مشاكل في الطريق وغير ذلك من الأمور المزعجة والمؤلمة، وكل عام يتقدَّم أولياء الأمور للوزارة باسترحاماتهم ناهيك عن الرفع لولي الأمر وللمسؤولين لدعم طلبهم بالشفاعة الحسنة لنقل أبنائهم وبناتهم، هذا غير أولياء الأمور الذين تكتظ بهم المحاكم لاستخراج صكوك الطلاق والإعالة.. إلخ وسموكم لا تخفى على فطنته مثل هذه الأمور. لذا فإن العلاج الناجع لهذا الأمر من وجهة نظري المحدودة أن يتم التنسيق مع ديوان الخدمة المدنية ليتم تعيين المعلم والمعلمة في منطقته حسب تخرّجه من الجامعة أو الكلية وبهذا نقضي على معاناة أنهكت كاهل الوزارة وصدعت رؤوس مسؤوليها طيلة الحقبة من السنين الماضية. ثانياً: من الضروري جداً إيجاد مراقبين في مدارس البنين والبنات لنفرّغ المعلمين والمعلمات للتربية والتعليم فقط ولا نؤثّر على جهودهم ونشاطهم وحيويتهم للمراقبة بين الحصص وأثناء الفسح فيدخل المعلم أو المعلمة حصته منهك القوى متعباً لا يستطيع أداء الدرس كما ينبغي.. لهذا أتمنى تأهيل طلاب من الثانوية العامة وكذلك طالبات وتأهيلهم نفسياً وتربوياً لعدة سنوات ليكون مسمى وظيفتهم مراقب ومراقبة بمدارس التعليم. ثالثاً: أرى بأن 18 حصة للمعلم والمعلمة تعطى لهما كجدول أسبوعي كافية وأن لا تزيد عن ذلك لأن إعطاء المعلم والمعلمة 24 حصة أسبوعياً مرهق ويهمش دورهما في تطبيق النظريات والأسس التربوية والنفسية وعدم أخذ الوقت المناسب للتصحيح والمراجعة ورصد الدرجات و.. إلخ وكذلك إيجاد متسع للمعلم والمعلمة لممارسة دورهم وما استفادوا من نظريات وعلوم أثناء دراستهم بالكلية أو الجامعة لتطبيق الأنشطة المنهجية واللا منهجية بكل تفان وإتقان.. إلخ. رابعاً: الملاحظ من خلال الواقع والمعايشة أن المعلم أو المعلمة يتضايق ويتذمر من حصص الاحتياط عند غياب معلم أو معلمة فلا يكاد يجد المعلم أو المعلمة مثلاً فرصة للراحة إلا ويجد نفسه مطالباً بدخول حصة احتياط بدلاً عن المعلم أو المعلمة المتغيّب لظرف مرضي وغير ذلك.. لذا حبذا لو يتم تزويد مدارس البنين والبنات بمعلمين ومعلمات زائدين عن النصاب المطلوب حسب الإحصائية للاستفادة منهم في أخذ جزء من حصص المعلمين والمعلمات الذين تم إسناد الأنشطة إليهم بالمدارس وفي نفس الوقت نستفيد منهم لدخول حصص الاحتياط بدلاً عن المعلم أو المعلمة الذين تغيّبوا لعذر.. وهكذا! خامساً: هناك مبان مستأجرة في الكثير من مناطق بلادنا لا تشجع على أداء العملية التعليمية والتربوية كما ينبغي فنتمنى تعميم بناء المدارس الحكومية في كل منطقة ومحافظة ومركز حتى تكون مدارسنا معاقل مشجعة للتعليم تواكب النهضة التعليمية والحضارية والتطور في كافة المجالات والبذل السخي الذي تنفقه الدولة - أيَّدها الله- على التربية والتعليم وجميع مرافق وقطاعات الدولة، مع ملاحظة أن لا يزيد عدد الطلاب والطالبات في كل فصل عن 25 طالباً وطالبة، حيث إن هناك مدارس فصولها مكدسة وبعض الفصول الدراسية ربما يتجاوز تعداد الطلبة والطالبات الثلاثين طالباً وطالبة وهذا لا يشجع المعلم والمعلم على أداء الواجب كما ينبغي في تطبيق النظريات والعلوم التربوية والنفسية وملاحظة ومتابعة الفروق الفردية.. إلخ. سادساً: لا فرق في مدارس التعليم بنين وبنات بين المعلمين والمعلمات في تقارير أداء الكفاءة الذي يتم إقراره سنوياً من قبل مدير المدرسة ومشرف المدرسة وكذلك مدارس البنات مديرة المدرسة والمشرفة التربوية فالمعلم أو المعلمة النشط المجتهد ممن يحافظ على الحضور بانتظام وعدم التأخر وله أو لها (أقصد المعلمة) تميز في المادة وأداء فعّال في الفصل وجهود وأنشطة وتطبيق وسائل وغير ذلك من الأمور اللافتة يقابلهم بنفس مدارسهم معلمون ومعلمات متقاعسون غيابهم كثير غير مؤثّرين في الطلبة والطالبات مهملين في أداء رسالتهم كما ينبغي فالملاحظ أنه سيان لدينا لا فرق بين هؤلاء الأكفاء والآخرين غير الأكفاء؟ كل واحد منهم يحصل على العلاوة الدورية! لهذا أقول هنا وبشدة إن في هذا ظلماً وإجحافاً لجهود معلمين أو معلمات نشيطون.. يصلون مدارسهم من الصباح الباكر.. أخلاقهم ممتازة، أداؤهم في فصولهم بكفاءة، حريصون على الحضور والانصراف واتباع تعليمات المدرسة.. لهم أنشطة ملموسة متزنين وسلوكهم قويم.. إلخ فكيف نساويهم بالمعلمين والمعلمات غير المنضبطين ممن يضربون بالأنظمة عبر الحائط وغير مهتمين بالعواقب والنتائج؟ إنه من الضروري جداً إعادة النظر في هذا الموضوع بأن نكافئ المعلمين والمعلمات المتميزين النشطاء والمثاليين بعلاوة إضافية تشجيعية يشترك في إقرارها سنوياً مدير المدرسة ووكيله ومشرف المادة والمشرف الإداري فهذا في نظري أقل ما نكافئ به كل عامل مجتهد.. بل هذا لعمري سوف يشجعهم على المنافسة ويعطي الجو المدرسي شيئاً من الدينامايكية والإثارة والتشويق وبالتالي المجتهد من المعلمين أو المعلمات سوف يزداد تحصيلهم ونشاطهم ويظلوا أكثر اطمئناناً وراحة حين يرون بأم أعينهم أن جهودهم ملموسة ومقدَّرة وأن هناك مسؤولين لم يطمروا جهودهم ويغفلوا أنشطتهم وما يبذلونه طيلة العام الدراسي! سابعاً: لقد ضاعت هيبة وقيمة ومكانة المعلم والمعلمة في مدارسنا عمّا كان عليه الوضع قبل ثلاثين عاماً عندما كانت الأجيال تحترم وتجل المعلم والمعلمة حتى إن الأجيال من تقديرهم واحترامهم يتحاشون رؤيتهم يمرون بالحي أو الشارع!! فهل يا ترى مرد ذلك لمنع الضرب والعقاب البدني غير المبرح؟ أم لسيل تعاميم الوزارة المتلاحقة التي تهدّد المعلمين والمعلمات وتؤنبهم بعدم اتخاذ أي جزاء رادع للطلبة والطالبات وترك ذلك لإدارة المدرسة.. حتى انهزت وضعفت شخصية المعلم والمعلمة! وأخيراً سمعنا وقرأنا اعتداءات حصلت لمعلمين ومعلمات من طلابهم باستخدام السلاح الأبيض ورجم سياراتهم وتحطيمها بالحجارة وأمور سلبية كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.. أمور فعلاً مخجلة ويندى لها الجبين تظهر فداحة هذه الأمور حتى وصلت لهذا المستوى من الانحطاط في القيم والمبادئ وانفلات المعيار لعمري يكمن سببه في عدم وجود حل جذري يعيد للمعلم والمعلمة الهيبة والوقار الذي افتقدوه من قبل أجيال هذا الزمن! فمن وجهة نظري أن اتخاذ جزاء رادع وقوي يعمم على المدارس ويجعل كل من تسوّل له نفسه إهانة معلمه أو معلمته بأن هناك جزاءً صارماً ينتظره فيعيد حساباته.. ويبعد عن الإقدام على مثل هذه الأمور وهذا الشيء أراه يتمثّل بشطبه نهائياً من التعليم العام ويعمم على جميع إدارات المناطق والمحافظات بذلك.. ولا داعي للعقاب السابق غير الرادع وغير المجدي كخصم درجات.. أو إيقاف المعتدي فصل دراسي واحد.. إلخ! ثامناً: لقد بدأت الحياة تطفر وعلى أعلى المستويات والمعلم والمعلمة مكانك سر! ولو عملنا دراسة وإحصائية لوجدنا أكثر المعلمين والمعلمات مصابين بأمراض من سكري وضغط وقلب وروماتيزم وأمراض نفسية.. إلخ، بسبب الوقوف بالفصل ومقابلة الأجيال والتعامل معهم ومع أحداثهم ومشاكلهم بعكس الموظفين بالإدارات الحكومية الذين لا يجدون ما يرهقهم أو يعكر أمزجتهم وصفو حياتهم! لهذا أطالب بمنح المعلمين والمعلمات بدل ضرر وبدل سكن لا يقل عن ثلاثة رواتب سنوياً وتأميناً طبياً لهم ولذويهم للعلاج وغير ذلك على حساب الدولة، وهذه الميزات والإيجابيات أقل واجب تمنحه الدولة - أيّدها الله - لأبنائها المعلمين والمعلمات تشجيعاً وتميزاً خاصاً لهم عن موظفي الدولة بالقطاعات الأخرى اعترافاً من دولتهم الكريمة بقيمتهم وتثميناً لدورهم وما يبذلونه من جهود لقاء تنشئة وتربية وتعليم أجيالنا منذ الصغر!! تاسعاً: إن مدة ثلاثين عاماً أرى من وجهة نظري أنها خدمة كافية لإحالة المعلم والمعلمة على التقاعد براتب كامل.. فماذا ننتظر من معلم أو معلمة أمضى ثلاثين عاماً في خدمة وتعليم النشء؟! لقد أعطى كل ما عنده من جهود وإبداع إبان سنين مضت والآن لا فائدة من بقائه.. بل نتيح الفرص للمعلمين والمعلمات الشباب الذين يتمتعون بالطاقة والحيوية ليحلوا محل القدامى وهذا من باب التكريم لهم أن يتم منحهم التقاعد براتب كامل بعد انقضاء خدمة ثلاثين عاماً وبهذا نكون قد ميزناهم عن موظفي الدولة الذين يتطلب إحالتهم على التقاعد بعد قضاء أربعين عاماً بالخدمة أو بلوغهم ستين عاماً للحصول على التقاعد براتب كامل. عاشراً: نلاحظ كل عام بالمدارس الابتدائية إقامة أسبوع تمهيدي لاستقبال الطلاب المستجدين بالصف الأول يتخلله ألعاب وتسال مشوِّقة لجذبهم للمدرسة وبعد انقضاء الأسبوع نجد الكثير من الأطفال تصيبهم حالات من الذعر والقيء والإسهال وغير ذلك لعدم تكيّفهم مع هذا الجو وقد أمضوا سنواتهم السابقة في البيت.. وفجأة وجدوا أنفسهم في بيئة جديدة تحيط بهم.. لهذا نحن نطالب بإلحاق روضة تمهيدي بكل مدرسة ابتدائية بنين وبنات وإيجاد معلمين ومعلمات لديهم مؤهلات (رياض أطفال) وحاصلون على دورات تربوية ونفسية لتأهيل هذه البراعم تأهيلاً تعليمياً لمبادئ التعليم ونفسياً وسلوكياً وتكون هذه المرحلة نواة لتصعيد الطلبة والطالبات للمرحلة الأولى ابتدائي وبهذا نلغي الأسابيع التمهيدية التي لا فائدة منها.. يا صاحب السمو هذا قليل من كثير وغيض من فيض طرحته هنا بكل بساطة وعفوية، مع ثقتي بأن هذه الآراء والأفكار سيكون لها صدى لديكم كما عوّدتمونا على ذلك وهذا ما نطمع إليه ونتعشمه في سيدي الأمير المثقف الواعي الأديب الشاعر الذي يعلق عليه - بعد الله- المعلمون والمعلمات والطلاب وجميع منسوبي التعليم آمالهم وتطلعاتهم وخير من يحقق لهم كل ما يرجونه وينشدونه، وهذا ليس على الله ثم عليكم بعزيز. وفّقكم الله وسدّد خطاكم لما فيه خير وصلاح التربية والتعليم في ظل الرعاة الكريمة من الدولة - أيَّدها الله -.