حتى وإن تأخرت زيارة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي إلى محافظة الأنبار، فإنَّ العراقيين يأملون أن تسهم الزيارة في تغيير قناعات المالكي بتغيير أسلوب تعامله مع أهالي الأنبار الذين يشكلون مجمعاً قبلياً عربياً لا يمكن أن تُفرض عليهم إرادة أجنبية حتى ولو كانت بأدوات عراقية. نوري المالكي والداعمون له من الإيرانيين والأمريكيين معاً يعلمون أن عشائر الأنبار هم من وقفوا في وجه الاحتلال الأمريكي، واليوم إذ يسعى نوري المالكي من خلال توجيه البندقية العراقية ضد أبناء العشائر بحجة وجود تجمعات إرهابية من القاعدة وداعش، فإن سعيه هذا مكتوب عليه بالفشل، إلا أنه يتسبب في إيذاء لأبناء الأنبار، ويهدد الوحدة الوطنية. فأهالي الأنبار يعلمون بأن استدراج داعش والقاعدة عملٌ مهد له نوري المالكي وحلفاؤه الإيرانيون، إذ إن قادة داعش الذين يحاربون في صحراء الأنبار وعلى أطراف الرمادي وفي بعض أحياء الفلوجة هم من أخرجهم نوري المالكي من سجونه ومهَّد الطريق لهم لإعادة تكوين فصائلهم الإرهابية، فيما تكفل حلفاؤه في إيران بدعم ومساندة (أمراء القاعدة) الذين يحلون ضيوفاً على نظام ملالي طهران من إرسال الأموال والأسلحة وحتى المقاتلين لهذا التنظيم الإرهابي الذي جعله نوري المالكي (مشجباً) لتدمير الرمادي والفلوجة، مما تسبب في نزوح 63 ألف عائلة من محافظة الأنبار، ليبلغ عدد من اضطروا لترك المحافظة إلى 373 ألف شخص. أما مدينة الفلوجة فتتعرض لقصف مدفعي وبالطائرات المروحية بصفة يومية من قبل الوحدات العسكرية التي جلبها نوري المالكي من المحافظات الجنوبية، لتصبح الفلوجة أشبه بالمدن السورية التي دمرها حليفه بشار الأسد. الضربات العسكرية واستخدام المدفعية الثقيلة لضرب الفلوجة جعل العشائر العربية العراقية تطالب بوقف العمليات العسكرية ليبدأ حوار بين أبناء العشائر وأهالي مدن الأنبار الذين أكدوا على قدرتهم بطرد عناصر القاعدة وداعش، فالعشائر لا تقبل أن يُقتل أبناؤهم برصاص الجيش، فيما لا تبعد مقرات الإرهابيين من داعش والقاعدة عن مكاتب الجيش ووزير الدفاع سوى ثمانمائة متر. هذا الوضع وفشل الخيار العسكري لابد وأن نوري المالكي ومن رافقه قد رأوا عدم جدواه، وأن الإصرار على الخيار العسكري سيوسع رقعة المعارك بعد أن بدأت العمليات العسكرية تتسع في محافظات نينوى والحويجه في صلاح الدين وقضاء بيجي ومحافظة ديالي في قضائي العظيم والمقدادية. العراقيون جميعاً والأطراف السياسية كافة تأمل أن تساعد زيارة نوري المالكي لمحافظة الأنبار على أن تعيد المالكي وفريقه السياسي والعسكري إلى رشدهم، وأن يقتنعوا بأن الحل العسكري لا يجدي نفعاً مع أبناء الوطن الذين لا يريدون سوى حل يعيد العدالة ويرفع الظلم المستمر منذ سنوات على أبناء الأنبار والمحافظات الخمس الأخرى، وإن كان هدف المالكي الحل فعليه أن يغتنم فرصة الزيارة ويحتضن العشائر العربية بالدخول معها في حوار يؤدي إلى معالجة مظلمتهم ويتعاون معهم في طرد الإرهابيين من مدنهم.