بعد السقوط المفاجئ في ملعب الكامب نو أمام فالنسيا والخسارة بنتيجة (2 - 3) خلال فعاليات الجولة الماضية من بطولة الدوري الإسباني لكرة القدم.. وجهت وسائل الإعلام الأوروبية على وجه العموم والإسبانية على وجه الخصوص أسهم النقد اللاذع للمدرب الأرجنتيني خيراردو مارتينو، وطرحت التساؤلات فيما إذا كان «تاتا» هو الرجل المناسب في المكان المناسب؟ أم أن الفريق الكاتالوني يحتاج إلى من هو أكثر كفاءة وأقوى عزيمةً وحنكةً وإصراراً، ومعرفةً بخفايا الأمور وبسياسة النادي المتبعة في التعامل مع النجوم واللاعبين الشبان الذين تخرجوا من مدرسة «لامسيا» الخاصة بالفئات السنية للنادي. يذهب البعض في اتجاه الآراء التي طالبت بمدرب تدرج كلاعب في الفئات السنية للنادي الكاتالوني ومن ثم لعب في الفريق الأول، وأكمل مسيرته مدرباً في الليجا أو في «برشلونة بي» تماماً كمسيرة المدرب السابق بيب جوارديولا الذي حقق نجاحاً منقطع النظير مع النادي الكاتالوني على المستوى المحلي والأوروبي والعالمي. إلا أن تلك الشخصية المطلوبة لم تكن متوافرة لمسؤولي البلوجرانا في الصيف الماضي بعد أن تعذر عودة جوارديولا المرتبط بعقد طويل الأجل مع بايرن ميونخ الألماني، وتعذر أيضاً التعاقد مع الهدف الأول للفريق في الصيف الماضي، وهو المدرب الإسباني لويس أنريكي مدرب نادي سلتا فيغو الحالي والمرتبط معه بعقد لمدة سنتين قادمتين مما وجه الدفة للتعاقد مع المدرب الأرجنتيني الحالي تاتا مارتينو الذي كان هدفاً ثانياً للفريق الكاتالوني لتولي مهام الإشراف الفني. حقق تاتا نجاحات مميزة على مستوى النتائج مع انطلاقة الموسم الحالي، ووجد الإشادة من قبل لاعبيه وإدارة فريقه وكذلك بعض وسائل الإعلام الإسبانية، وعلى الرغم من تحقق النتائج المميزة إلا أن الانتقادات لازالت توجه للفريق الذي افتقد لأسلوبه المعروف «بالتيكي تاكا» التي تعتمد على تبادل الكرات القصيرة مع التحرك كمجموعة في الدفاع والوسط والهجوم بشكل استعراضي يثير الإعجاب للمشاهد الكروي، وبرر تاتا غياب «التيكي تاكا» إلى أن أغلب المنافسين حفظوا طريقة أداء برشلونة وهو ما دفعه لأن يجدد في أسلوب وطريقة اللعب وابتداع أساليب جديدة من شأنها مفاجأة الخصوم وهز شباكهم. في الوقت الحالي يفتقد برشلونة لعنصر مفاجأة الخصوم بصورة واضحة، واعترف سيرجيو بوسيكت للصحفيين بأن الفريق على الرغم من قوته في صناعة الفرص إلا أنه افتقد التركيز في إنهاء الهجمات نحو الشباك مما سهل للمنافسين إمكانية التسجيل في مرمى برشلونة بصورة محبطة للفريق الكاتالوني وأنصاره، وتدور التساؤلات من جديد هل هو عمل المدرب تاتا مارتينو؟ أم أن الفريق يحتاج إلى رياح التغيير بدعم صفوفه بلاعبين من شأنهم تحقيق الارتقاء المطلوب في المستوى الفني والبدني. وإذا كان التغيير مطلباً ملحاً في صفوف برشلونة فهل سيتكفل المدرب تاتا بمهمة الإحلال المطلوبة بالاستغناء عن بعض الأسماء والتعاقد مع أسماء جديدة؟. لا أعتقد أن تاتا هو الرجل المناسب لمثل ذلك الأمر خاصة بعد أن راهن قبل أيام على لاعبيه الحاليين لتحقيق بطولة الكأس والحفاظ على لقب الدوري، وعدم حاجته لأي لاعب جديد في السوق الكروية المنتهية بنهاية شهر يناير الماضي. القائد المخضرم تشافي هيرنانديز طالب الإعلام بعدم المقارنة بين «برشلونة جوارديولا»، وبرشلونة الحالي وبرر ذلك بأن الفريق في ذلك الوقت وصل إلى القمة وقدم كل ما يمكن تقديمه في عالم كرة القدم من نواح فنية وتكتيكية وبدنية، والاستمرار في القمة هو أمر صعب، وهو ما تسبب حالياً في توجيه أسهم النقد للمدرب تاتا الذي وصفه تشافي بأنه مدرب ذو خبرة كبيرة وصاحب شخصية قوية مميزة يحترمها كل اللاعبين. ما يحتاج إليه برشلونة الآن هو الثقة في المدرب (خيراردو مارتينو) وعدم التشكيك في قدرات الفريق، والابتعاد عن المقارنات الظالمة مع «برشلونة جوارديولا» خاصة أنه لا يوجد على الساحة الآن من لديه القدرة على القيام بنفس العمل الذي يقوم به جوارديولا، وكما قال تاتا بنفسه: «لازالت الفرصة متاحة للفوز بكل البطولات التي ننافس عليها». نعم يصعب تحقيق كل البطولات لكن الفرصة متوافرة متى ما قفز الفريق ونهض من كبوته، وعاد ليونيل ميسي ورفاقه للتوهج الذي أظهروه مع انطلاقة الموسم.