جاء في كتاب حب الوطن (من منظور شرعي) إعداد أ.د. زيد بن عبد الكريم الزيد أستاذ الفقه المقارن عميد المعهد العالي للقضاء ما نصه ص 28: (ارتباط الإنسان بوطنه وبلده، مسألة متأصّلة في النفس، فهو مسقط الرأس، ومستقر الحياة، ومكان العبادة، ومحل المال، والعرض ومكان الشرف، على أرضه يحيا، ويعبد ربه، ومن خيراته يعيش، ومن مائه يرتوي، وكرامته من كرامته، وعزته من عزته، به يعرف، وعنه يدافع، فالوطن نعمة من الله على الفرد والمجتمع). ومحبة الوطن طبيعة جبل الله عليها النفوس، ولا يخرج الإنسان من وطنه إلا مضطراً كارهاً كما في الأمثلة: 1 - خروج إبراهيم ولوط - عليهما السلام - قال سبحانه وتعالى قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (68 - 70 سورة الأنبياء). 2 - أو كما حدث لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عندما أخرجه الذين كفروا من مكة، قال تعالى إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إذ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إذ هُمَا فِي الْغَارِ إذ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا (40) سورة التوبة). 3 - أو مثل خروج موسى - عليه السلام - قال تعالى فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21 سورة القصص). 4 - أو مثل خروج يعقوب - عليه السلام - وأولاده من فلسطين إلى مصر للانضمام إلى يوسف - عليه السلام - قال تعالى فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أبويْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إن شاء الله آمِنِين (99 سورة يوسف). حب الوطن أمر مشروع، بعد أن كان أمراً طبيعياً لكن هذا الوطن الذي تحبه النفوس، وتهتز له القلوب شوقاً لذكراه، ويسرح الخيال متمتعاً بسهوله وجباله، وأوديته، وهضابه، ومساكنه، وذكرياته، هل يكفي من الشخص أن يحب وطنه؟ ويكون بعد ذلك أدَّى ما عليه من حق؟؟ الواجب علينا كما أخذنا من الوطن أن نعطيه، وما أخذناه في الطفولة، وما تلاها هو دين يقضي يوم الرجولة، ويخطئ من يتعامل مع وطنه آخذاً بلا عطاء، وديناً بلا وفاء، ويخطئ أكثر من ينظر إلى الوطن نظرة العداء، أو بنظرة المتأهب، والمتوثب على خيراته عند كل غفلة من رقيب. وإن ما نقدمه اليوم للوطن لا يعدو في الواقع أن يكون قضاء لدَيْنٍ، ووفاء لسابق فضل، مع ما يحمله هذا القضاء، وذاك الوفاء من عود بالخير على كل فرد في المجتمع، ومنه المواطن نفسه، الذي يمثل الوطن هم ولاة الأمر فيه، فهم الذين يعبرون عن الوطن ويسعون في خدمته، ويضعون لذلك البرامج والخطط، التي تنهض به وتحقق آمال المواطنين، فأول حقوق الوطن هو (مساندة ولاة الأمر في عملهم، والوقوف معهم في سياستهم، والتأكيد على أنهم محل ثقة كل مواطن، بل محل تقديره، واحترامه، ودعائه، وخلفهم شعب متكاتف، متآزر، متناصر، مناصر لهم). ومن حقوق الوطن: (حق الانتماء للوطن والفخر به، التكاتف بين أفراد المجتمع، العمل، المحافظة على منشآته ومؤسساته ومرافقه، الدفاع عن الوطن). والشعر الشعبي الجزل وتحديداً شعر الحربيات (العرضة السعودية) هو المُوثِّق التاريخي ومُجَسِّد العز والسؤدد لرموز الوطن دوحة العز الأسرة الحاكمة آل سعود منذ الدولة السعودية الأولى.. يقول الأمير الشاعر خالد بن أحمد السديري - رحمه الله - ذِرْوَة المجد في حجر اليمامه لابةٍ عزّها من عصر وايل مركز الطيب هم ذروة سنامه فعلهم بين كل الناس طايل بيرق النصر حطّوا له علامه رايةٍ ظلّلت كل القبايل وبعد أن قيّض الله لهذا الوطن مؤسّسه وموحّده الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيب الله ثراه وجزاه عن أبناء الوطن من كل جيل خير الجزاء - عَرَف الوطن - بفضل الله ثم فضله - الأمن بعد الخوف، والعلم بعد الجهل، والغنى بعد الفقر، والعدل بعد الظلم، وكان شعر - العرضة - أول موثّق لذلك ، ومنه ما قاله الشاعر الحوطي - رحمه الله - في يوم فتح الملك عبد العزيز للرياض: دار ياللي سعدها تو ما جاها طير حوران شاقتني مضاريبه صيدته يوم صف الريش ما اخطاها يوم شرّف على عالي مراقيبه جا الحباري عقابٍ نثّر دماها في الثنادي على الهامه مضاريبه عشقةٍ للسعود من الله أنشاها حرّمت غيرهم تقول مالي به وواكب شعر الحربيات - العرضة - عهد أبنائه الملوك من بعده رحمهم الله (سعود - فيصل - خالد - فهد) حتى عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أطال الله عمره وأدام عزه - وولي عهده سيدي الأمير سلمان بن عبد العزيز - أطال الله عمره وأدام عزه -، وسيدي النائب الثاني الأمير مقرن بن عبد العزيز - أطال الله عمره وأدام عزه - . وكان هذا اللون من الشعر في العهود المتعاقبة وجه الولاء والوفاء واللحمة الوطنية المشرفة للشعر حتى حفظته الأجيال مشافهة من صدور الرواة، على الرغم من قلة مصادر توثيقه مقارنة بأهميته الكبرى على كل الصعد كوجه مشرّف للأدب الشعبي وتراث الوطن وتاريخه، ولأن الجيل الخلف هو امتداد لجيل السلف ويتوارث مجده وتاريخه وثقافته فقد نادى الكثيرون عبر منابر إعلامية متنوعة بأن يُفعَّل دور هذا اللون من التراث الرسمي للوطن عبر الأجيال الناشئة في المدارس، لأن معرفة تاريخ أمجاد الوطن ورموزه ابسط حقوقها على من سبقوها، إضافة إلى تكريس الوفاء والولاء واللحمة الوطنية في وجه الأيديولوجيات المتضاربة والمتربّصين بأجيالنا الناشئة، ونحن جزء لا يتجزأ من العالم بلغة التأثير والتأثر، ويحدو كل وطني مخلص كبير الأمل - بعد الله - في توجيهات سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم - أطال الله عمره وأدام عزه - ورجل القيادة والفكر والإدارة والخبرة والوعي ورؤية الأمور من زواياها المتعددة، إضافة إلى دقته المعرفية المتناهية بعظيم الشعر الوطني المشرف كأحد أبرز وأكبر شعراء المملكة العربية السعودية الذين نفخر ونعتز بإنجازاتهم في كل شأن، حيث تعرض (مدارات شعبية) بين ناظري سموه الكريم نماذج مختصرة من هذا اللون الذي اشتهر به عدة شعراء منهم: العوني وابن دحيم والعريني وابن صفيان وغيرهم - رحمهم الله - ومنه ما قاله بعضهم في أبناء المؤسس الملوك بعد أن دُوِّن أنموذج أعلاه في المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - يقول الشاعر عبد الرحمن بن صفيان - رحمه الله - في الملك سعود - رحمه الله - : يا ديرة الإسلام دونك مرخصين العمار في ظل سيف سعود ممّنها عن أخطارها يابو فهد لا تستشير إلى نويت المثار الله خلقنا للجهاد ونطحت أشرارها ويقول الشاعر نفسه في الملك فيصل - رحمه الله - : نحمد الله جت على ما تمنّا من ولي العرش جزل الوهايب خبّر اللِّي طامعٍ في وطنَّا دونها نثني إلى جا الطلايب يا هبيل الراي وين انت وانّا تحسب إن الحرب نهب القرايب ومنها قوله: دام فيصل يزهم الكل منَّا فازعينٍ كل صبيٍ وشايب ومن قول الشاعر عبد الله الثميري - رحمه الله - في الملك خالد - رحمه الله - : الله يديمك على شعبك «يابو بندر» فالشعب من حبكم ذا اليوم فرحانِ ويقول الأمير الشاعر خالد الفيصل في الملك فهد - رحمه الله - : الله يجيرك يا فهدنا ويرعاك يا فرحة بلاد العرب يا مطرها ومنها: قرّوا لك أصحابك وقرّوا لك عْداك إنك حكيم أيامنا يا بصرها يا ثابتٍ إلى اعترى غيرك ارباك يا قادمٍ إلى انثنى من قهرها يا مدركٍ لي ضاع بالنّاس الادراك يا جبرها لي صار غيرك كسرها ويقول الأمير الشاعر خالد بن سعود الكبير في خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أطال الله عمره وأدام عزه - : عبد الله الحاكم الغالي الله يديمه على الطاعه مليكنا طيب الفالي المملكة عنده وداعه ومنها: بوادر الخير تنهالي من طيب يمناه وذراعه الطيب ما جاه من تالي الطيب مطبوع باطباعه حبه على قلوبنا والي والنفس للحب منصاعه لو قلتها ماني لحالي الناس لرضاه تبّاعه ويقول الشاعر عبد الرحمن بن صفيان - رحمه الله - في سيدي ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز - أطال الله عمره وأدام عزه - : ولين اصطفق سلمان يشبع كل طير مقدم هل التوحيد لاثار القتام حلّال صعبات المشاكل والعسير لطّام هامات العدا ليجا الزحام