حققت الشركات السعودية أرباحا مجمعة قياسية في 2013 مواصلة موجة الصعود للعام الخامس على التوالي تقودها قطاعات البتروكيماويات والبنوك مما يعزز النظرة الإيجابية لأكبر سوق أسهم في الشرق الأوسط. وعكست النتائج اتساعا جليا لتأثير إجراءات إصلاح سوق العمل التي تبنتها الحكومة على مدى عامين ونصف العام ليشمل قطاعات أوسع في أكبر اقتصاد عربي. وبحسب تقرير بث عبر «رويترز» بلغت الأرباح المجمعة للشركات السعودية في الربع الأخير من العام 24.7 مليار ريال (6.6 مليار دولار) مقارنة ب19.5مليار في 2012 بزيادة 26.7%. وخلال العام بأكمله سجلت الشركات أرباحا مجمعة بنحو 103مليارات ريال بزيادة 7% عن 96.4 مليار في 2012. ويقول المحلل ثامر السعيد: 103 مليارات ريال رقم تاريخي. مواصلة النمو لسنوات متتالية - منذ انخفاض 2008 - إشارة إيجابية على قدرة السوق على توليد الأرباح. وتابع: واصلت الشركات تحقيق نمو مماثل من شأن السوق أن يتجاوز 9000 نقطة في 2014.» ولم تخل النتائج من بعض المفاجآت مع تسجيل عدد من الشركات الكبرى أرباحا دون توقعات المحللين ومع تحقيق أخرى نتائج تفوق التوقعات أبرزها «الاتصالات». لكن يبقى الأثر الأبرز للنتائج الفصلية في 2013 هو امتداد تأثير إصلاحات سوق العمل وحملات تعقب العمالة المخالفة إلى قطاعات أخرى بالاقتصاد. وبدأت وزارة العمل في أواخر 2012 بفرض رسوم على الشركات قدرها 2400 ريال لكل عامل أجنبي يزيد على عدد. وتبنت الوزارة سياسات إصلاحية أخرى لتوظيف المواطنين كما شنت حملة على مخالفي سوق العمل ولا تزال عملية ترحيل المخالفين سارية حتى الآن. وأظهرت النتائج التي أعلنتها الشركات السعودية تأثيرا واسع النطاق ليس فقط على شركات المقاولات التي تعتمد بشكل مكثف على العمالة الوافدة ولكن أيضا على قطاعات مثل البنوك والاتصالات والإنشاءات والأسمنت. البنوك بلغت الأرباح المجمعة لأحد عشر بنكا مدرجا بسوق الأسهم 6.68 مليار ريال في الربع الأخير من 2013 بزيادة طفيفة لم تتجاوز 0.4% عن 6.66 مليار في 2012. وجاءت نتائج بنوك كبرى دون متوسط توقعات المحللين وشملت تلك بنوك سامبا والراجحي والسعودي الفرنسي وهو ما عزاه محللون تحدثت معهم «رويترز» إلى تجنيب نسبة كبيرة من المخصصات. وسجل مصرف الراجحي أكبر بنك مدرج في السوق انخفاضا بأكثر من 19% في صافي أرباح الربع الأخير ليصل إلى 1.55مليار ريال فيما كان المحللون يتوقعون أن يسجل في المتوسط 1.99 مليار في الربع الرابع. ويقول تركي فدعق رئيس الأبحاث والمشورة لدى البلاد للاستثمار: كان من الملفت للنظر انخفاض أرباح مصرف الراجحي..البنك يعتمد بنسبة 65% في دخله على قطاع الأفراد وسبب الانخفاض كان وراءه تجنيب مخصصات بشكل أكبر من المتوقع.كما سجل البنك السعودي الفرنسي هبوطا تجاوز 66% في أرباح الربع الأخير من 2013 ليصل إلى 274 مليون ريال وهو رقم يقل عن توقعات بتحقيق 771.29 مليون ريال. ويرى المحللون أن البنوك جنبت مخصصات كبيرة لتكون على استعداد لمواجهة احتمال تأخر شركات المقاولات في سداد القروض أو في تعثرها في السداد. ويرى عاصم بوختيار رئيس الأبحاث لدى الرياض المالية أن قطاع الإنشاءات يمر بوقت عصيب وإذا كانت البنوك تقرض شركات بالقطاع فإنها حتما ستتأثر. وأضاف: يحتاج الأمر إلى تجنيب مصرف أو مصرفين مخصصات للتحوط ضد الانكشاف على القطاع لتقوم البنوك الأخرى بخطوات مماثلة. لكن المحلل ثامر السعيد يرى أن من الطبيعي أن تنكشف البنوك على قطاعات المقاولات والإنشاءات والقطاعات المرتبطة بها في ظل الاستثمار الحكومي الهائل في تحديث البنية التحتية. ويضيف: من المستبعد أن يكون ذلك الانكشاف مطلق وأنه قد يكون جرى تجنيب مخصصات كبيرة بشكل مباشر لتغطية (ديون) قطاع المقاولات لكن من الممكن أن يأخذ القطاع حصة من إجمالي مخصصات 2014.» ويرى أن تأثر البنوك سلبا بإصلاحات سوق العمل جاء نتيجة انخفاض رسوم البنوك من التحويلات التي كان يجريها العمال المخالفين لذويهم لاسيما بعد ترحيل عدد كبير منهم. لكن مع ذلك تبقى النظرة المستقبلية للقطاع قوية فقد قالت وكالةفيتش للتصنيف الائتماني في تقرير إن البنوك ستواصل تحقيق أداء جيد خلال 2014 في ظل فرص كبيرة للإقراض بدعم من التوقعات الإيجابية للاقتصاد على خلفية الإنفاق الحكومي السخي وارتفاع أسعار النفط. وقلت فيتش إن النظرة المستقبلية للقطاع المصرفي السعودي مستقرة وتوقعت استمرار النمو القوي للإقراض المصرفي الذي بلغ 13.8% في نوفمبر. قطاع المقاولات الأكثر تضررا كان قطاع المقاولات أكثر القطاعات تضررا من إجراءات تعقب العمالة المخالفة لاعتماده بكثافة على العمالة الأجنبية الرخيصة وهو ما اتضح جليا من نتائج أعمال الشركات العاملة بالقطاع. وسجلت شركة أبناء عبد الله عبد المحسن الخضري أحد أبرز الشركات العاملة في القطاع هبوطا نسبته 69% في صافي أرباح الربع الرابع وعزت ذلك لأسباب من بينها زيادة تكلفة العمالة. وقالت الشركة: إن الزيادة في تكلفة تصاريح العمل عبر رسوم قيمتها 2400 ريال أدت إلى تحملها 25.7 مليون ريال خلال 2013 . وأضافت أن التأخر في إصدار تأشيرات العمالة دفعها لاستئجار عمالة مؤقتة بأتعاب أكثر من ضعف عمالة مماثلة مستقدمة بتأشيرات بلغت قيمتها 38 مليون ريال وبزيادة 5.6 مليون ريال عن 2012. وامتد التأثير لقطاعات أخرى ففي قطاع الاتصالات تكبدت شركة زين خسائر صافية قدرها 462 مليون ريال في الربع الأخير من 2013 بفعل انخفاض الإيرادات نتيجة تصحيح أوضاع العمالة وخفض عدد الحجاج لتتجاوز الخسائر متوسط توقعات المحللين. نظرة إيجابية ورغم تلك الآثار أجمع المحللون على أن الاقتصاد سيتكيف على المدى الطويل مع الإجراءات وأن السوق السعودي سيواصل توفير فرص استثمار جذابة. ويرى المحللون أن الآثار الناجمة عن إصلاح سوق العمل أمر مؤقت ربما يمتد لفصل أو فصلين إضافيين لكن الشركات ستتكيف معه في النهاية وإن الفرص المستقبلية لتحقيق النمو لا تزال جيدة ويقول رامي صيداني رئيس الاستثمار لدى شرودرز الشرق الأوسط «لا تزال العوامل الأساسية للسوق السعودي قوية ولا تزال السوق تتمتع بفرص نمو جيدة ونحن متفائلون إذ يواصل السوق توفير فرص كبيرة ولا تزال التقييمات به جذابة على المدى الطويل.