تواصل الحكومة ممثلة بصندوق الاستثمارات العامة خلال العام الجاري 2014 تركيز اهتمامها فيما يتعلق بالاستثمارات على السوق المحلية وتحديدا في تنفيذ البرنامج الحكومي لمشاريع البنية التحتية، حيث يساهم الصندوق في رأسمال عدد كبير من الشركات الكبيرة والبنوك المحلية، كاشفة في هذا الصدد على لسان وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أن عددا من هذه الشركات تعد حاليا للطرح في السوق المالية، على أن يتم طرحها للاكتتاب فور جهوزيتها. ومن المعلوم أن الصندوق - الذراع الاستثماري للحكومة - يختص في تمويل الاستثمار في المشاريع الإنتاجية ذات الطابع التجاري سواء المشاريع المملوكة كلياً أو جزئياً للحكومة، كما يساهم الصندوق في رؤوس أموال شركات وطنية تعمل في عدد من القطاعات المختلفة، إضافة إلى شركات العربية والثنائية والدولية. وقد بلغ عدد الشركات التي يساهم فيها الصندوق 41 شركة حتى نهاية العام المالي 1431 /1432ه، وبمبلغ إجمالي (63.249) مليون ريال وتراوح نسب ملكية الصندوق لهذه الشركات بين 100 % للشركات غير المدرجة في سوق الأسهم المحلية و5 إلى 70 % للشركات المدرجة. كما حظيت عدد من القطاعات الاقتصادية المهمة في المملكة بتمويل من الصندوق حيث بلغ إجمالي القروض التي صرفها حتى نهاية العام المالي 1431 /1432ه نحو 120.244 مليون ريال. وبشأن الاستثمارات الحكومية خلال 2014، قال العساف في مقابلة مع قناة «العربية» على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد حالياً في مدينة دافوس السويسرية: «بشكل عام نعطي أولوية لتنفيذ البرنامج الحكومي في البنية التحتية، ولدينا أدوات أخرى للاستثمار المحلي من خلال صندوق الاستثمارات العامة الذي يستثمر في عدد من الشركات، وأن كثيراً منها هي شركات مساهمة تعد للطرح في السوق المحلية، ومستعدون لطرحها للاكتتاب في حال جهوزها». كما جدد وزير المالية توقعاته بمواصلة الاقتصاد السعودي مسيرة النمو خلال العام الجاري، وأن تقترب مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 60 % في 2014. وقال «هناك تفاؤل كبير رغم بعض العقبات والاقتصاد الأميركي يتحسن واقتصاد أوروبا بدأ يتحرك والياباني أيضاً والصيني، ونحن نشارك المحللين هذا التفاؤل». وأشار العساف إلى أن الأداء الاقتصادي خلال 2014 سينمو بشكل صحي وأفضل من العام الماضي، خاصة في القطاع الخاص أو الناتج المحلي الإجمالي غير البترولي، بما في ذلك القطاعان الحكومي والخاص. من جهته، أبدى محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان تمنياته ب «حظ آخر» للمستثمر الأجنبي الذي لا يتمكن خلال مهلة 18 شهرا من رفع مستوى استثماراته داخل المملكة، وفق معياري خلق فرص العمل ذات القيمة المضافة، ونقل التقنية، في إشارة واضحة إلى عزم الهيئة سحب التراخيص المخالفة لشروط الاستثمار الأجنبي. وكانت الهيئة قد كشفت ل «الجزيرة» في وقت سابق عن إلغاء وسحب تراخيص 88 مشروعًا سياحيًا رخصت بموجب نظام الاستثمار الأجنبي المعمول به في المملكة، وأن هناك 128 مشروعًا سياحيًا جاريًا استكمال الإجراءات القانونية لإلغائها، فيما لم يتبق سوى 33 مشروعًا فقط التي تَمَّ السماح لها بمزاولة النشاط وتأهيلها لتتوافق مع الشروط والمتطلبات. وجدد العثمان، على هامش مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» التأكيد على التزام المملكة بسياسة الاقتصاد المفتوح وتوفير بيئة صديقة للاعمال، موضحاً أن مسألة التراخيص التي عُولجت هي عبارة عن مجموعة من الاستثمارات لم ترق الى مستوى المعايير المحددة سالفاً. كما أكد أن الشركات المالكة لهذه الاستثمارات حصلت على التصاريح المشروطة، لكنها لم تخلق وظائف ونحاول أن نعالجها مع المستثمرين أولاً بعد منحهم مهلة محددة ونأمل لهم النجاح بتوفيق أوضاعهم ضمن هذه المهلة. وأشار العثمان، إلى أن اقتصاد المملكة بصفة عامة مفتوح ونرحب بكل مستثمر لديه الخبرة يأتي بخطة تخلق وظائف ذات قيمة مضافة ونقل تقنية، سواء كان صغيرا أو متوسطا أو كبيرا في حجم استثماراته، مؤكداً حرص الهيئة على دعم أي مستثمر يشارك المملكة تجربتها بتنويع مصادر الدخل ونقل التقنية. وذكر أن المملكة تشهد فترة نمو اقتصادي جعلتها واحدة من ثلاث دول الأسرع نمواً في العالم، مشيرا إلى توافر مجالات الاستثمار في أغلب القطاعات، إضافة إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد المحلي من خلال ضخ الاستثمارات الحكومية الكبيرة في قطاعات النقل والصحة والتعليم، إلى جانب استثمارات شرعت بها كبرى الشركات السعودية والأجنبية. وعن مزايا الاقتصاد السعودي في جذب الاستثمار الخارجي، قال العثمان إن المملكة تعد أكبر سوق في المنطقة ولديها موقع استراتيجي وبيئة استثمار جيدة، لكن الأهم من ذلك والذي نفخر به دائماً هو «السمعة بأن كل من استثمر في المملكة سابقاً على المدى الطويل نجد أن تجربتهم رائدة وتتحدث عن مدى تنافسية الاقتصاد ومناخ الاستثمار المتميز». وأضاف أن التعافي العالمي في أميركا وأوروبا والصين يفيد اقتصاد السعودية، موضحاً أن المملكة ظلت تحقق نمواً قوياً في أصعب الظروف التي مر بها الاقتصاد العالمي، حتى في وقت الركود وهذه حقيقة تعبر عن واقع الفرص الاستثمارية المتاحة.